ثم بعد ذلك رأى أن الرازى وأمثاله ليسوا مستقلين بذلك استقلالا كاملا وإنما مادة كلامهم من كلام الفلاسفة فأراد أن يكمل الرد بنقض أصولهم الفلسفية فجاء هذا الكتاب! درء تعارض العقل والنقل " الذي لم يكن مقتصرا على جواب هذه المسألة فقط: تقديم العقل على النقل، وإنما حوى مباحث طويلة مع الفلاسفة - شيوخ الرازي- وغيرهم، ونقل أقوالهم وبين من وجوه عديدة أنواعا من تناقضاتهم ورد بعضهم على بعض.
والكتاب- والحمد للهـ وصل إلينا كاملا ونشر نشرا علميا ممتازا، فجزى الله محققه خيرا وغفر له ورحمه.
5- القاعدة المراكشية:
وهي أيضا في الرد على الأشاعرة في مسألة " العلو " والاستواء على العرش، وقد ألفها في السنة الأخيرة من سنوات مقامه في مصر 712 هـ، وسبب تأليفها حدوث نزاع بين بعض المغاربة المالكيين حول مسألة العلو، واختلافهم حول معنى ما جرى للإمام مالك مع السائل له عن الاستواء حين قال له " وما أراك إلا رجل سوء "، وهل معنى ذلك أنه لا يجب معرفة هذا الأمر بل من تكلم فيه فهو مبتدع مجسم؟، وقد ورد سؤال في ذلك وجه إلى شيخ الإسلام ابن تيمية فأجاب بهذه القاعدة العظيمة التي سيبت ب " القاعدة المراكشية " [1] ، وقد ذكر فيها أصولا مهمة تتعلق بإكمال الدين، وفهم النصوص، ثم تكلم عن العلو وثبوته والرد على شبه الخالفين، ثم رد على " الواقفة " [2] - الذين أوحى بهم ظاهر السؤال واحتجوا بقول الإمام مالك- وبين خطأهم من وجوه، وبين أن قول الإمام مالك صريح في الإثبات وأنه لم يكن من الواقفة بحال، ثم نقل أقوال العلماء في ذلك من المغاربة وغيرهم. [1] طبعت مع مجموع الفتاوى (5/153-193) ، ومجموعة الرسائل والمسائل (ج-1ص: 85 ا-216) ،؟ طبعت مستقلة ومحققة، ط دار طيبة. [2] انظر: المراكشة (ص: 54) ، وما بعدها، المحققة.