" إن السواد الأعظم هم الناجون من الفرق، فما كانوا عليه من أمر دينهم فهو الحق، ومن خالفهم مات ميتة جاهلية سواء خالفهم في شىء من الشريعة أو في إمامهم وسلطانهم فهو مخالف! للحق " [1] ، ويقول أبو مسعود الأنصاري - رضي الله عنهـ حين خرج ونزل في طريق القادسية وقال له أصحابه: اعهد إلينا، فإن الناس قد وقعوا في الفتنة فلا ندري أنلقاك بعد اليوم أم لا. فقال: " اتقوا الله واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر، وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع أمته على الضلالة " [2] ، يقول الشاطبي معقبا: فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدو الأمة وعلماؤها، وأهل الشريعة العاملون بها، ومن سواهم داخلون في حكمهم لأنهم تابعون لهم ومقتدون بهم، فكل من خرج عن جماعتهم فهم الذين شذوا وهم نهبة الشيطان، ويدخل في هؤلاء جميع أهل البدع؟ لأنهم مخالفون لمن تقدم من الأمة، لم يدخلوا في سوادهم بحال " [3] . ويقول الآجري: " فمن أراد الله تعالى به خيرا فتح له باب الدعاء، والتجأ إلى مولاه الكريم وخاف على دينه، وحفظ لسانه، وعرف زمانه، ولزم الحجة الواضحة السواد الأعظم ... " [4] .
4- وقيل: إن الجماعة هم جماعة أهل الإسلام إذا أجمعوا على أمر من أمور الشرع سواء في أمور الأحكام أو المعتقدات، يقول الكرماني: " يلزم على المكلف متابعة حكم الجماعة والاعتصام به، وهو اتفاق المجتهدين من الأمة في عصر على أمر ديني [5] فهذا القول يفسر الجماعة بأهل الإجماع، ولذا فهو قريب من القول الثاني.
5- إن الجماعة: هم جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير، وهذا رأي الطبري الذي ذكر الأقوال السابقة، ثم قال: " والصواب أن المراد من الخبر [1] الاعتصام (2/260) . [2] رواه اللالكائي، ورقمه (162 - 163) . [3] الاعتصام (2/ 261) . [4] الشريعة (ص: 44) . [5] شرح الكرماني على البخاري (25/75) .