نام کتاب : هذه مفاهيمنا نویسنده : آل الشيخ، صالح جلد : 1 صفحه : 161
فلما كان كذلك علم منه أن النوع الثاني من الحياة، وهو الحياة البرزخية تخالف ما قبلها وما بعدها، وبدليل أن الصحابة لم يفعلوا ذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فتقرر أنها لا تطلب من الأموات.
وهذا برهان إجمالي، وأما تفصيل الرد على قوله فيقال:
قوله: " الدعاء مأذون فيه مقدور عليه"، ليس صحيحاً على إطلاقه في الحياة والموت.
فأما والداعي حي قادر فهذا صحيح، وأما بعد موته فليس الأمر كذلك، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل قبره مسجداً، فقال فيما روته عائشة وابن عباس وأبو هريرة: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"؛ يحذر ما صنعوا.
قالت: فلولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً. متفق عليه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
والشاهد أن هذه اللعنة لمن اتخذ القبر مسجداً إنما هي لأن المسجد يقصد للدعاء، وأعلى أنواع الدعاء الصلاة، والصلاة دعاء في اللغة، قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} [التوبة: 103] .
وقال الأعشى في شعره المشهور:
تقولُ بنْتي وَقَدْ قَرَّبْتُ مُرْتحِلاً
يا ربّ جّنَّب أبيْ الأوْصَابَ والوجعا
عليكِ مثلُ الذي صليتِ فاغتمضي
نوماً، فإنَّ لجنْبِ المرءِ مضطجَعا
قوله: " صليتِ" يعني: دعوتِ، وشواهد هذا المعنى كثيرة، والصلاة كلها دعاء عبادة، ودعاء مسألة، ومن لم يعرف هذين النوعين للدعاء لم يوفق لفهم الآيات في الدعا.
فإذا كانت المساجد إنما تقصد لدعاء الله فيها؛ فلعنة الله على من اتخذ قبور أنبيائه مساجد، معناها: النهي البليغ الشديد عن الدعاء
نام کتاب : هذه مفاهيمنا نویسنده : آل الشيخ، صالح جلد : 1 صفحه : 161