وفي بيان عموم رسالته يقول المولى تبارك وتعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [1]. قال الإمام ابن جرير في تفسيرها: "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم "قُلْ" يا محمد للناس كلهم {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} لا إلى بعضكم دون بعضِ، كما كان من قبلي من الرسل مرسلًا إلى بعض الناس دون بعض؛ فمن كان منهم أرسل كذلك، فإن رسالتي ليست إلى بعضكم دون بعض، ولكنها إلى جميعكم"[2].
وقال الإمام ابن كثير: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} وهذا خطاب للأحمر والأسود، والعربي والعجمي، {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} ؛ أي: جميعكم، وهذا من شرفه وعظمته أنه خاتم النبيين، وأنه مبعوث إلى الناس كافة، ثم ذكر بعض الآيات الدالية على ذلك وقال: والآيات في هذا كثيرة، كما أن الأحاديث في هذا أكثر من أن تحصر.
وهو معلوم من دين الإسلام ضرورة أنه صلوات الله وسلامه عليه رسول الله إلى الناس كلهم"[3].
ومن الآيات الدالة على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [4]، وقوله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين} [5]. ومن الأحاديث الواردة في ذلك ما جاء في الصحيين من حديث جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بارعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، [1] سورة الأعراف: آية 158. [2] جامع البيان عن تأويل آي القرآن 13/ 170. [3] تفسير القرآن العظيم 3/ 488. [4] سورة سبأ آية 28. [5] سورة الأنبياء آية 107.