المبحث الأول: وسطيتها في باب توحيد الله وأسمائه وصفاته
مدخل
... المبحث الأول: وسطيتها في باب توحيد الله وأسمائه وصفاته
إن المتأمل في كتاب الله تبارك وتعالى وما جاء فيه عن دعوات الرسل وما أنزل عليهم من الكتب ليخرج بحقيقة واحدة، أطبق عليها جمع الرسل، وأنزلت بها جميع الكتب السماوية. هذه الحقيقة هي: الدعوة إلى توحيد الله وعبادته دون سواه؛ فهي أس الرسالات وعمودها الفقري، وهي القاسم المشترك بينها. وإن اختلفت بعد ذلك الشرائع والمناهج فما من نبي أرسل ولا كتاب أنزل إلا وكان أول ما يدعوا إليه هو توحيد الله تبارك وتعالى.
يقول الله عز وجل في تقرير هذه الحقيقة: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [1]، وفي آية أخرى يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [2].
وإذا استعرضنا القرآن الكريم في حديثه عن رسل الله عليهم الصلاة والسلام نجد أن كل رسول قال لقومه: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [3]. ابتداء من أولهم نوح عليه السلام، وانتهاء بخاتمهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام دينهم واحد، وهو الإسلام، وشرائعهم مختلفة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا [1] سورة النحل: آية 36. [2] سورة الأنبياء: آية 25. [3] انظر مثلًا: سورة المؤمنين: آية 23، والأعراف: آية 65، 73، 85، والعنكبوت: آية 16، والمائدة: آية 72.