الكتب والرسل؛ فإنهم في دعواهم ما ادعوا من ذلك كذبة، وذلك أن المؤمن بالكتب والرسل هو المصدق بجميع ما في الكتاب الذي يزعم أنه به مصدق، وبما جاء به الرسول الذي يزعم أنه به مصدق، وبما جاء به الرسول الذي يزعم أنه به مؤمن؛ فأما من صدق ببعض ذلك وكذب ببعض، فهو لنبوة من كذب ببعض ما جاءبه جاحد، ومن جحد نبوة نبي فهو به مكذب، وهؤلاء الذين جحدوا نبوة بعض الأنبياء وزعموا أنهم مصدقون ببعض، مكذبون من زعموا أنهم به مؤمنون، لتكذيبهم ببعض ما جاء به من عند ربهم؛ فهم بالله وبرسله الذين يزعمون أنهم بهم مصدقون، والذين يزعمون أنهم بهم مكذبون كافرون، فهم الجاحدون وحدانية الله وبنوة أنبيائه حق الجحود المكذبون بذلك حق التكذيب"[1].
الأمر الثاني:
أنهم خذلوا أنبياءهم ولم يقوموا بنصرهم. وقد أخذ الله عليهم ميثاقهم لينصرنهم فقال: {لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [2].
قال الحافظ ابن كثير: "أي: نصرتموهم وآزرتموهم على الحق"[3]. فلم يفوا بميثاقهم، وما لبثوا أن قالوا لموسى عليه السلام لما قال لهم: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [4]. [1] جامع البيان 9/ 353. [2] سورة المائدة آية 12. [3] تفسير القرآن العظيم 3/ 62. [4] سورة المائدة آية 21.