هارون: انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها؛ فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون، فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالأزميل وصنعه عجلًا مسبوكًا، فقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر؛ فلما نظر هارون بنى مذبحًا أمامه ونادى هارون وقال: غدًا عيد للرب فبكروا في الغد وأصعدوا محرقات وقدموا ذبائح سلامة وجلس الشعب للأكل والشرب ثم قاموا للعب"[1].
هكذا يصور هذا السفر نبيًا عظيمًا من أنبياء الله -بعثه الله ليدعو الناس إلى توحيد الله- في صورة صانع للأصنام، مغر لقومه بعبادتها من دون الله عز وجل.
ونحن نقطع بأن هذا النص مما كتبه اليهود بأيديهم وقالوا هو من عند الله وما هو من عند الله، وأنه "ليدل على أن محرري هذه الأسفار لا يرعون لأنبيائهم حرمة، ولا يرجون لهم وقارًا، ولا يتورعون عن أن ينسبوا إليهم أية نقيصة حتى خيانة الرسالة نفسها التي بعثوا من أجلها، ودفع قومهم إلى الشرك بالله"[2].
ولقد ذكر الله في القرآن الكريم قصة عبادة اليهود العجل، وبين أن الذي صنع العجل وأغراهم بعبادته هو السامري وليسهارون عليه السلام، بل أخبر عز وجل أن هارون عليه السلام حذر قومه من ذلك ولكن القوم لم يلتفتوا إلى تحذيره وعصوه، وخالفوه إلى ما نهاهن عنه فقال عز وجل: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى، قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى، قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ، فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ [1] الكتاب المقدس، العهد القديم. سفر الخروج، الإصحاح 32 فقرة 1- 6. [2] انظر: د. علي عبد الواحد وافي، الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام ص.