والكلابية والأشاعرة: أثبتوا الأسماء، وبعض الصفات، ونفوا وأولوا البعض الآخر؛ فقولهم خير وأقرب للحق من قول الجهمية والمعتزلة.
وأهل السنة لما أثبتوا جميع الأسماء والصفات، كان قولهم خيرًا من قول الجميع.
كونهم الطائفة الوحيدة التي عملت بمقتضى قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} [1]؛ إذ كل طائفة عداها إنما عملت بشطر من هذه الآية وضيعت الشطر الآخر كما تقدم إيضاح ذلك في كلام فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد.
هذه بعض الصور العامة لوسطيتهم، وهناك صور كثيرة لهذه الوسطية نستطيع أن نلمسها من خلال أقوالهم في كثير من الصفات الإلهية.
وسنختار بعض الصفات أمثلة ونماذج نوضح من خلالها هذه الوسطية؛ فمن ذلك:
1- صفة العلو والفوقية:
دلت كثير من الآيات والأحاديث النبوية على علو الله عز وجل، وأنه فوق مخلوقاته، من ذلك قوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِم} [2]، وقوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [3]، وقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [4]، وغير ذلك من الآيات كثير.
فاختلفت الطوائف والفرق في ذلك، ونزع قوم إلى إفراط، وآخرون إلى [1] سورة الشورى: آية 11. [2] سورة النحل: آية 50. [3] سورة الأنعام: آية 18. [4] سورة فاطر آية 10.