وهو الكلام أن صاحب الكبيرة لا يمسي مؤمنًا، هو ما قد ثبت أنه يستحق بارتكاب الكبيرة الذم واللعن, والاستخفاف والإهانة وثبت أن اسم المؤمن صار بالشرع اسمًا لمن يستحق المدح والتعظيم والموالاة؛ فإذ قد ثبت هذان الأصلان؛ فلا إشكال في أن صاحب الكبيرة لا يجوز أن يسمى مؤمنًا"[1].
ولم يجز أن يسمى كافرًا؛ لأن الشرع جعل الكافر اسمًا لمن يستحق العقاب العظيم، ويختص بأحكام مخصوصة نحو المنع من المناكحة والموارثة والدفن في مقابر المسلمين. قال: إذا ثبت هذا، ومعلوم أن صاحب الكبيرة ممن لا يستحق العقاب العظيم، ولا تجري عليه هذه الأحكام؛ فلم يجز أن يسمى كافرًا[2].
وهذا الكلام إلى جانب ما أفاده من عدم جواز تسمية صاحب الكبيرة كافرًا تضمن أيضًا الحكم الدنيوي له، وهو أنه تسري عليه أحكام المسلمين من المناكحة، والموارثة والدفن في مقابر المسلمين.
ويقول ابن المرتضي -وهو معتزلي أيضًا- في معرض كلامه عما أجمعت عليه المعتزلة: "وأما ما أجمعوا عليه؛ فقد أجمعت المعتزلة على.... وعلى المنزلة بين المنزلتين، وهو أن الفاسق لا يسمى مؤمنًا ولا كافرًا"[3].
وأما حكمه في الآخرة فترى المعتزلة: "أن الفاسق يخلد في النار، ويعذب فيها أبد الآبدين ودهر الداهرين"[4].
وذلك إذا مات على كبيرته ولم يحدث منها توبة، ذكر الإسفراييني [1] انظر: نفص المصدر 701- 702. [2] انظر: نفس المصدر ص 712. [3] انظر: المنية والأمل ص 6، "بتصحيح توما أرنلد، نشر: دار صادر -بيروت"، صورة عن طبعة دائرة المعارف النظامية بحيدر آباد الدكن سنة 1316 هـ. [4] القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة ص 666.