وطائفة: تجري عليه أحكام المسلمين فلا تستبيح ذلك منه.
ثانيًا: قول الطرف الثاني "وهم طوائف المرجئة":
الأصل الذي يجمع المرجئة بمختلف طوائفها، والذي لأجله سموا بذلك كما تقدم هو: إخراج الأعمال عن مسمى الإيمان؛ فهذا أصل أصول المرجئة، وأساس مذهبهم؛ حتى إنه لا يكون المرجئ مرجًا حتى يقول بذلك.
لذلك جاء قولهم في مرتكب الكبيرة من أهل القبلة متساوقًا مع هذا الأصل الذي أصلوه ومتفرعًا عنه، ونتيجة له؛ فكان من قولهم: أن مرتكب الكبيرة:
- مؤمن كامل الإيمان، وارتكاب الكبار لا يؤثر في إيمانه.
- وأنه في الآخرة: من أهل الجنة إذا مات موحدًا مؤمنًا، وإن زنى وسرق وقتل.
وقال المرجئة الخالصة منهم العبارة المشهورة: "لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة"[1]، وأفصح بعض طوائفهم عن مذهبهم فقالوا: "الإيمان هو المعرفة بالله، والخضوع، له، وترك الاستكبار عليه، والمحبة بالقلب؛ فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو المؤمن، وما سوى ذلك من الطاعة فليس من الإيمان، ولا يضر تركها حقيقة الإيمان ولا يعذب على ذلك، إذا كان الإيمان خالصًا، واليقين صادقًا"[2].
وقال العبيدية[3] منهم: "ما دون الشرك مغفور لا محالة، وإن العبد إذا مات على توحيده، لا يضره ما اقترف من الآثام واجترح من السيئات"[4]. [1] الشهرستاني، الملل والنحل 1/ 139. [2] المصدر السابق 1/ 140. [3] العبيدية: هم أصحاب عبيد المكتئب، وهم طائفة من المرجئة الخالصة، انظر: الشهرستاني، الملل والنحل 1/ 140. [4] انظر: الشهرستاني، الملل والنحل 1/ 140.