وأما الجبرية المتوسطة: فهي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة[1]. وبعد الجرجاني، والإيجي: الأشعرية من هذا الصنف في قولهما: "الجبرية اثنتان: متوسطة تثبت لعبد كسبًا كالأشعرية، وخالصة لا تثبته كالجهمية"[2].
وإذا رجعنا لمصادر الأشاعرة لتبين حقيقة قولهم في أفعال العباد، نجد أنهم يقولون:
1- إن أفعال العبد مخلوقة لله عز وجل.
2- إنها مع كونها خلق الله فهي كسب للعبد. وله عليها قدرة غير مؤثرة.
يقول البغدادي: "واختلفوا في أكساب العباد وأعمال الحيوانات على ثلاثة مذاهب:
أحدها: قول أهل السنة إن الله عز وجل خالقها، كما أنه خالق الأجسام والألوان والطعوم والروايح، لا خالق غيره؛ وإنما العباد مكتسبون لأعمالهم"[3].
ويشرح الجويني معنى كون العبد مكتسبًا لفعله فيقول: "العبد غير مجبر على أفعاله؛ بل هو قادر عليها مكتسب لها، والدليل على إثبات القدرة للعبد أن العاقل يفرق بين أن ترتعد يده، وبين أن يحركها قصدًا.
ومعنى كونه مكتسبًا أنه قادر على فعله، وإن لم تكن قدرته مؤثرة في إيقاع المقدور"[4]. [1] انظر: الشهرستاني، الملل والنحل 1/ 85. [2] انظر: التعريفات ص74، والمواقف 428. [3] انظر: أصول الدين ص134، "ط. مصورة عن طبعة إستانبول 1346 هـ - 1928 م". [4] انظر: لمع الأدلة ص107، "بتحقيق د. فوقيه حسين محمود، ط. الأولى 1385 هـ - 1965 م، نشر: المؤسسة المصرية العامة للتأليف - مصر".