ابن تيمية رحمه الله عليه وعلى سائر أمة سلفنا الصالحين:
"وأما جمهور أهل السنة المتبعون للسلف والأئمة فيقولون: إن فعل العبد فعل له حقيقة؛ ولكنه مخلوق لله ومفعول لله، لا يقولون هو نفس فعل الله، ويفرقون بين الخلق والمخلوق والفعل والمفعول"[1].
وقال في موضع آخر: "وأما سائر أهل السنة فيقولون: إن أفعال العباد فعل لهم حقيقة. ويقول جمهورهم الذين يفرقون بين الخلق والمخلوق: أنها مخلوقة لله ومفعولة له، ليست هي نفس فعله وخلقه الذي هو صفته القائمة به"[2].
فيرون أن الفعل غير المفعول؛ فحركاتهم واعتقاداتهم أفعال لهم حقيقة، وهي مفعولة لله سبحانه مخلوقة له حقيقة، والذي قام بالرب عز وجل علمه وقدرته ومشيئته وتكوينه، والذي قام بهم هو: فعلهم وكسبهم وحركاتهم وسكناتهم، فهم المسلمون المصلون القائمون القاعدون حقيقة، وهو سحبانه المقدر لهم على ذلك، القادر عليه الذي شاءه منهم وخلقه لهم[3].
ويقول شارح "الطحاوية" بعد أن ذكر قول الجبرية والقدرية في ذلك: "وقال أهل الحق: أفعال العباد بها صاروا مطيعين وعصاة، وهي مخلوقة لله تعالى، والحق سبحانه وتعالى منفرد بخلق المخلوقات لا خالق لها سواه"[4].
وبعد: فمن خلال هذا العرض لأقوال الجبرية، والقدرية، وأهل السنة، نرى أن أهل السنة جمعوا ما في قول الطائفتين من حق فقالوا به، ولم يوافقوا أيًا [1] انظر: منهاج السنة 2/ 298. [2] انظر: نفس المصدر 1/ 459- 460. [3] ابن القيم، شفاء العليل 52. [4] انظر: ابن أبي العز، شرح الطحاوية ص 493.