فيهم، مدونًا ذلك في أحدث مصنفاته فيقول: "فإن للإمام مقامًا محمودًا، ودرجة سامية، وخلافة تكوينية تخضع لولايتها جميع ذرات هذا الكون، وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل - إلى أن قال: وقد ورد عنهم " ... " أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل، ومثل هذه المنزلة موجودة لفاطمة الزهراء " ... "[1].
وهكذا يظهر مدى غلو القوم ومثابرتهم على ذلك. وأن متأخريهم ليسوا بأحسن حالًا من سابقيهم إن لم يكونوا أضل وأردى.
5- ومن مظاهر غلوهم زعمهم أن الإمام محدث يوحى إليه ملك:
عقد الكليني بابًا في كتابه "الكافي" بعنوان "باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث"[2]، وأورد تحته عددًا من الروايات التي تدل على أن الإمام يسمع كلام الملك ولا يراه؛ بينما النبي والرسول يسمعه ويراه.
فروى عن زرارة بن ميمون قال: "سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل {وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} [3]، ما الرسول؟ وما النبي؟ قال النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك.
قلت: الإمام ما منزلته؟ قال: يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك، ثم تلا هذه الآية: "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث[4]، [5]. [1] الخميني: الحكومة الإسلامية ص52- 53، نشر المكتبة الإسلامية الكبرى. [2] انظر: الكافي 1/ 134. [3] سورة مريم، جزء من آيتي 51 و 54. [4] الآية من سورة الحج آية 52، وليس فيها جملة "ولا محدث"؛ وإنما ذلك من تحريفات الشيعة الرافضة وزيادتهم في كتاب الله عز وجل. [5] الكافي 1/ 134.