الفصل الخامس: وسطية أهل السنة في باب تعظيم النبى صلى الله عليه وسلم والصالحين من أمته مدخل
...
تمهيد:
تقدم في الباب الأول الحديث عن كون هذه الأمة المحمدية وسطًا بين الأمم في أنبياء الله ورسله عليهم أفضل الصلة وأتم التسليم، وأنها لم تغل فيهم ولم تفرط، وأن اليهود والنصارى وقع منهم غلو وإفراط فيهم، كما وقع منهم أيضًا في جفاء لهم، وتفريط وتقصير في جنابهم صلوات الله وسلامه عليهم.
ولما كان من الثابت أن فئات من هذه الأمة سيتبعون تلك الأمم قبلهم كما أخبرنا الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه في قوله: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا شبرًا، وذراعًا ذراعًا، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم" قال الراوي: قلنا: اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ "[1].
فإنه قد وقع من بعض هذه الأمة، شيء من الغلو أو التفريط في جناب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، وذلك بسبب متابعتهم لتلك الأمم وتأثرهم بما نقل عنهم، ولا سيما بعد امتداد الإسلام وانتشاره، ودخول طوائف من أهل الكتاب في الإسلام، واختلاط المسلمين بكثير من أهل الذمة من أمتي اليهود والنصارى وغيرهم، كما تقدم لنا في أسباب افتراق هذه الأمة.
وبسبب بعدهم عن كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم اللذين جاء [1] خ: كتاب الاعتصام، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم" 13/ 300، ح 732.