ويرون من لوازم محبته وعلامتها: طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر، والانتهاء عما عنه نهى وزجر؛ فاتبعه ومتابعته هي العلامة الدالة على محبته صلى الله عليه وسلم؛ بل هي الدالة على محبة الله سبحانه وتعالى أيضًا، كما قال عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [1].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: "هذه الآية حاكمة على كل من ادعى محبة الله، وليس هو على الطريقة المحمدية؛ فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله"[2].
وكذلك من ادعى محبة رسوله الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتبع دينه وشرعه الذي جاء به في جميع أقواله، وأفعاله، وأحواله؛ فهو كاذب في دعواه محبته صلى الله عليه وسلم.
"وإذا أراد الإنسان أن يقف يقينًا على مقدار ما في قلبه من المحبة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم فليعرض أقواله وأفعاله على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه وافقت الشرع المحمدي كان ذلك دليلًا على صدق المحبة، وإن خالفته دل على أن دعوى المحبة كاذبة"[3].
فإن من علامات محبته صلى الله عليه وسلم إيثار شرعه وما جاء به إلى غيره من الهوى وشهوات النفس، قال القاضي عياض: "اعلم أن من أحب شيئًا آثره وآثر موافقته؛ وإلا لم يكن صادقًا في حبه، وكان مدعيًا؛ فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم من تظهر علامة ذلك عليه، وأولها الاقتداء به واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه والتأدب بآدابه في عسره ويسره ومنشطه [1] سورة آل عمران آية 31. [2] انظر: تفسير القرآن العظيم 2/ 25. [3] انظر: عبد المحسن العباد، عشرون حديثًا من صحيح البخاري 166.