وأما الصنف الثاني: "وهم أهل الغلو والإفراط في تعظيم الصالحين"
فهم طوائف الرفض، والتصوف، ومن شاكلهم من أهل البدع.
وقد رأينا طرفًا من غلو الرافضة في أئمتهم، كغلوهم في علي رضي الله عنه، وغيره من صالحي أهل بيته، كما تقدم لنا ذلك في الفصل الرابع[1].
ومن مظاهر غلوهم بناؤهم المشاهد على القبور والأضرحة، وجلعها عيدًا تزار وتشد الرحال إليها، وجعل ذلك أفضل من مناسك الحج.
وزعموا أنا أبا عبد الله[2] قال: "من أتى قبر الحسين -عليه السلام- عارفًا بحقه، كان كمن حج مائة حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله"[3].
وأما ضلال الصوفية؛ فلهم غلو في بعض من زعموا ولا يتهم وصلاحهم، يضاهي غلو الشيعة في أئمتهم إن لم يكن هو هو؛ فبين التصوف والتشيع نسب وسبب.
ومن غلوهم في أوليائهم ما أشرنا إليه في المبحث الأول من تفضيلهم الولي على النبي، وجعل منزلة الولاية فوق منزلة النبوة والرسالة[4].
وقولهم بختم الولاية، مضاهاة لختم النبوة.
وأما غلوهم في القبور، وبناء المساجد عليها وتزيينها بالستائر والسرج وغير ذلك؛ فهو من الأمور اللازمة لوجودهم في كل عصر ومصر وقد أجروا عليها، [1] انظر: ص412 وما بعدها. [2] وهو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المعروف بالصادق ت 48 هـ. انظر: الحلية 3/ 192 والتقريب 1/ 132. [3] بحار الأنوار، لمحمد باقر المجلسي 98/ 34، ومستدرك الوسائل، لميرزا حسين النووي الطيرسي 10/ 274، انظر: الرافضة وتفضيل زيارة قبر الحسين على حج بيت الله الحرام، لعبد المنعم السامرائي ص108. [4] انظر ص: 442- 443.