يشعر ظاهرها بخلاف ذلك؛ فهناك لا يخلو الحال من أحد أمور أربعة:
1- إما أن يصدق مقتضى العقل والنقل. فيلزم تصديق النقيضين وهو محال.
2- وإما أن يبطل، فيلزم تكذيب النقيضين وهو محال.
3- وإما أن يصدق الظواهر النقلية، ويكذب الظواهر العقلية، وذلك باطل؛ لأنه لا يمكننا أن نعرف صحة الظواهر النقلية، إلا إذا عرفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع وصفاته. وكيفية دلالة المعجزة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وظهور المعجزات على محمد، ولو جوزنا القدح في الدلائل العقلية، صار العقل متهمًا غير مقبول القول، ولو كان كذلك لخرج أن يكون مقبول القول في هذه الأصول، وإذا لم تثبت هذه الأصول خرجت الدلائل النقلية عن كونها مفيدة، فثبت أن القدح في العقل لتصحيح النقل، يفضي إلى القدح في العقل والنقل معًا، وأنه باطل.
ولما بطلت الأقسام الأربعة[1] لم يبق إلا أن يقطع بمقتضى الدلائل العقلية القاطعة بأن هذه الدلائل النقلية إما أن يقال:
1- إنها غير صحيحة.
2 أو يقال: إنها صحيحة إلا أن المراد منها غير ظواهرها.
ثم إن جوزنا التأويل واشتغلنا به على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل، وإن لم يجز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى؛ فهذا هو القانون الكلي المرجوع إليه في جمع المتشابهات[2].
وقال أيضًا في شروط إفادة الدليل اللفظي اليقين: [1] لم يتقدم إلا ذكر ثلاثة. والرابع هو ما ذكره بعد ذلك. [2] ص 172- 173.