responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 320
فَأَنْجَيْناكُمْ: يَعْنِي مِنَ الْغَرَقِ، وَمِنْ إِدْرَاكِ فِرْعَوْنَ لَكُمْ وَالْيَوْمُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْفَرْقُ وَالنَّجَاةُ وَالْغَرَقُ كَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ؟ وَاسْتَطْرَدُوا إِلَى الْكَلَامِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَفِي صَوْمِهِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تُذْكَرُ فِي الْفِقْهِ. وَبَيْنَ قَوْلِهِ: فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: فَأَنْجَيْناكُمْ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى تَقْدِيرُهُ: وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ وَتَبِعَكُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ فِي تَقَحُّمِهِ فَأَنْجَيْنَاكُمْ. وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَالْهَمْزَةُ فِي أَغْرَقْنَا لِلتَّعْدِيَةِ، وَيُعَدَّى أَيْضًا بِالتَّضْعِيفِ.
وَلَمْ يُذْكَرْ فِرْعَوْنُ فِيمَنْ غَرَقَ، لِأَنَّ وُجُودَهُ مَعَهُمْ مُسْتَقِرٌّ، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْآلِ هُنَا، لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْآيَةِ قَبْلَ هَذِهِ، وَنَسَبَ تِلْكَ الصِّفَةَ الْقَبِيحَةَ إِلَيْهِمْ مَنْ سَوْمِهِمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْعَذَابَ، وَذَبْحِهِمْ أَبْنَاءَهُمْ، وَاسْتِحْيَائِهِمْ نِسَاءَهُمْ، فَنَاسَبَ هَذَا إِفْرَادَهُمْ بِالْغَرَقِ. وَقَدْ ذَكَرَ تَعَالَى غَرَقَ فِرْعَوْنَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ، مِنْهَا: فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ [1] ، حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ [2] ، فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ [3] . وَنَاسَبَ نَجَاتُهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ بِإِلْقَائِهِمْ فِي الْبَحْرِ وَخُرُوجِهِمْ مِنْهُ سَالِمِينَ، نَجَاةَ نَبِيِّهِمْ مُوسَى عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الذَّبْحِ، بِإِلْقَائِهِ وَهُوَ طِفْلٌ فِي الْبَحْرِ، وَخُرُوجِهِ مِنْهُ سَالِمًا. وَلِكُلِّ أُمَّةٍ نَصِيبٌ مِنْ نَبِيِّهَا. وَنَاسَبَ هَلَاكُ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ بِالْغَرَقِ، هَلَاكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَيْدِيهِمْ بِالذَّبْحِ، لِأَنَّ الذَّبْحَ فِيهِ تَعْجِيلُ الْمَوْتِ بِإِنْهَارِ الدَّمِ، وَالْغَرَقُ فِيهِ إِبْطَاءُ الْمَوْتِ، وَلَا دَمَ خَارِجٌ، وَكَانَ مَا بِهِ الْحَيَاةُ وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [4] سَبَبًا لِإِعْدَامِهِمْ مِنَ الْوُجُودِ. وَلَمَّا كَانَ الْغَرَقُ مِنْ أَعْسَرِ الْمَوْتَاتِ وَأَعْظَمِهَا شِدَّةً، جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَكَالًا لِمَنِ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ، فَقَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [5] ، إِذْ عَلَى قَدْرِ الذَّنْبِ يَكُونُ الْعِقَابُ، وَيُنَاسِبُ دَعْوَى الرُّبُوبِيَّةِ وَالِاعْتِلَاءِ انْحِطَاطُ الْمُدَّعِي وَتَغْيِيبُهُ فِي قَعْرِ الْمَاءِ.
وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ: جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَهُوَ مِنَ النَّظَرِ: بِمَعْنَى الْإِبْصَارِ. وَالْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ: أَنَّ هَذِهِ الْخَوَارِقَ الْعَظِيمَةَ مِنْ فَرْقِ الْبَحْرِ بِكُمْ، وَإِنْجَائِكُمْ مِنَ الْغَرَقِ، وَمِنْ أَعْدَائِكُمْ، وَإِهْلَاكِ أَعْدَائِكُمْ بِالْغَرَقِ، وَقَعَ وَأَنْتُمْ تُعَايِنُونَ ذَلِكَ وَتُشَاهِدُونَهُ، لَمْ يَصِلْ ذَلِكَ إِلَيْكُمْ بِنَقْلٍ، بَلْ بِالْمُشَاهَدَةِ الَّتِي تُوجِبُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ بِأَنَّ ذَلِكَ خَارِقٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى يَدِ النَّبِيِّ الَّذِي جَاءَكُمْ. وَقِيلَ: وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ لِقُرْبِ بَعْضٍ مِنْ بَعْضٍ، وَقِيلَ: إِلَى طَفْوِهِمْ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ غَرْقَى. وَقِيلَ: إِلَيْهِمْ وَقَدْ لَفِظَهُمُ الْبَحْرُ وَهُمُ الْعَدَدُ الَّذِي لَا يَكَادُ

[1] سورة القصص: 28/ 40، وسورة الذاريات: 51/ 40.
[2] سورة يونس: 10/ 90.
[3] سورة طه: 20/ 78.
[4] سورة الأنبياء: 21/ 30. [.....]
[5] سورة النازعات: 79/ 24.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 320
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست