responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 333
الْأَمْرَ بِالتَّوْبَةِ، بَعْدَ تَقْرِيعِهِمْ بِأَنَّهُمْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، وَأَيُّ ظُلْمٍ أَعْظَمُ مِنِ اتِّخَاذِ إِلَهٍ غَيْرِهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [1] . وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُمْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ الظُّلْمِ، لِأَنَّ نَفْسَ الْإِنْسَانِ أَحَبُّ شَيْءٍ إِلَيْهِ، فَإِذَا ظَلَمَهَا، كَانَ ذَلِكَ أَفْحَشَ مِنْ أَنْ يَظْلِمَ غَيْرَهُ. وَيَا قَوْمِ:
مُنَادًى مُضَافٌ إِلَى يَاءِ المتكلم، وقد حذفت واجتزى بِالْكَسْرَةِ عَنْهَا، وَهَذِهِ اللُّغَةُ أَكْثَرُ مَا فِي الْقُرْآنِ. وَقَدْ جَاءَ إِثْبَاتُهَا كَقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: يَا عِبَادِي فَاتَّقُونِ، بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ سَاكِنَةً، وَيَجُوزُ فَتْحُهَا، فَتَقُولُ: يَا غُلَامِيَ، وَفَتْحُ مَا قَبْلَهَا وَقَلْبُ الْيَاءِ أَلِفًا، فَتَقُولُ: يَا غُلَامًا. وَأَجَازَ الْأَخْفَشُ حَذْفَ الْأَلِفِ وَالِاجْتِزَاءَ بِالْفَتْحَةِ عَنْهَا، فَتَقُولُ: يَا غُلَامَ، وأجازوا ضَمَّهُ وَهُوَ عَلَى نِيَّةِ الْإِضَافَةِ فَتَقُولُ: يَا غُلَامُ، تُرِيدُ: يَا غُلَامِي. وَعَلَى ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: قُلْ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ [2] ، قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ [3] ، هَكَذَا أَطْلَقُوا، وَفَصَلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا أَوِ اسْمًا، إِنْ كَانَ فِعْلًا فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّمِّ، وَمَثَّلَ الْفِعْلَ بِمِثْلِ:
يَا ضَارِبِيَّ، فَلَا يُجِيزُ فِي هَذَا يَا ضَارِبُ، وَظَاهِرُ الْخِطَابِ اخْتِصَاصُهُ بِمُتَّخِذِي الْعِجْلَ.
وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ: مَنْ عَبَدَ وَمَنْ لَمْ يَعْبُدْ جُعِلُوا ظَالِمِينَ، لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَمْنَعُوهُمْ وَلَمْ يُقَاتِلُوهُمْ. وَالْبَاءُ فِي بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ سَبَبِيَّةٌ، وَاحْتِمَالُ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي قَوْلِهِ:
ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ [4] جَاءَ هُنَا أَيْ بِعَمَلِكُمُ الْعِجْلَ وَعِبَادَتِهِ، أَوْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ إِلَهًا. قَالَ السُّلَمِيُّ: عِجْلُ كُلِّ وَاحِدٍ نَفْسُهُ، فَمَنْ أَسْقَطَ مُرَادَهُ وَخَالَفَ هواه فقد برىء مِنْ ظُلْمِهِ.
فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ الْفَاءُ فِي فَتُوبُوا مَعَهَا التَّسْبِيبُ، لِأَنَّ الظُّلْمَ سَبَبٌ لِلتَّوْبَةِ، وَلَمَّا كَانَ السَّامِرِيُّ قَدْ عَمِلَ لَهُمْ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا، قِيلَ لَهُمْ: تُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ، أَيْ مُنْشِئِكُمْ وَمُوجِدِكُمْ مِنَ الْعَدَمِ، إِذْ مُوجِدُ الْأَعْيَانِ هُوَ الْمُوجِدُ حَقِيقَةً. وَأَمَّا عَمَلُ الْعِجْلِ وَاتِّخَاذُهُ فَلَيْسَ فِيهِ إِبْرَازُ الذَّوَاتِ مِنَ الْعَدَمِ، إِنَّمَا ذَلِكَ تَأْلِيفٌ تَرْكِيبِيٌّ لَا خَلْقَ أَعْيَانٍ، فَنُبِّهُوا بِلَفْظِ الْبَارِي عَلَى الصَّانِعِ، أَيِ الَّذِي أَوْجَدَكُمْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ، لَا الَّذِي صَنَعَهُ، مَصْنُوعٌ مِثْلَهُ، فَلِذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، كَانَ ذِكْرُ الْبَارِي هُنَا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِظُهُورِ حَرَكَةِ الْإِعْرَابِ فِي بَارِئِكُمْ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو: الِاخْتِلَاسُ، رَوَيَ ذَلِكَ عَنْهُ سِيبَوَيْهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ:
الْإِسْكَانُ، وَذَلِكَ إِجْرَاءٌ لِلْمُنْفَصِلِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ مَجْرَى الْمُتَّصِلِ مِنْ كَلِمَةٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَسْكِينُ مِثْلَ إِبِلٍ، فَأَجْرَى الْمَكْسُورَانِ فِي بَارِئِكُمْ مَجْرَى إِبِلٍ، وَمَنَعَ الْمُبَرِّدُ التسكين في حركة

[1] سورة لقمان: 31/ 13.
[2] سورة الأنبياء: 21/ 112.
[3] سورة يوسف: 12/ 33.
[4] سورة البقرة: 2/ 92.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست