responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 336
مُوسَى فِي الْمُنَاجَاةِ بِطُورِ سَيْنَاءَ، وَالْمَقْتُولُونَ مَنْ عَدَاهُمْ. وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّ بَعْضَهُمْ قَتَلَ بَعْضًا، فَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْقَتْلِ، فَقِيلَ: اصْطَفُّوا صَفَّيْنِ، فَاجْتَلَدُوا بِالسُّيُوفِ وَالْخَنَاجِرِ، فَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى قِيلَ لَهُمْ: كُفُّوا، فَكَانَ ذَلِكَ شَهَادَةً لِلْمَقْتُولِ، وَتَوْبَةً لِلْقَاتِلِ، وَقِيلَ:
أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ظَلَامًا فَفَعَلُوا ذَلِكَ. وَقِيلَ: وَقَفَ عُبَّادُ الْعِجْلِ صَفًّا، وَدَخَلَ الَّذِينَ لَمْ يَعْبُدُوهُ عَلَيْهِمْ بِالسِّلَاحِ فَقَتَلُوهُمْ. وَقِيلَ: احْتَبَى عُبَّادُ الْعِجْلِ فِي أَفَنِيَةِ دُورِهِمْ، أَوْ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِهِ، وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَهُمْ مُحْتَبُونَ فَقَالَ: مَلْعُونٌ مَنْ حَلَّ حَبْوَتَهُ، أَوْ مَدَّ طَرْفَهُ إِلَى قَاتِلِهِ، أَوِ اتَّقَاهُ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ، فَيَقُولُونَ: آمِينَ. فَمَا حَلَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَبْوَتَهُ حَتَّى قُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا.
وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ لَهُمْ: مَنْ حَلَّ حَبْوَتَهُ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ
، وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّعْنَةَ. وَقِيلَ:
إِنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُبْصِرُ وَلَدَهُ وَوَالِدَهُ وَجَارَهُ وَقَرِيبَهُ، فَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْمُضِيُّ لِأَمْرِ اللَّهِ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ ضَبَابَةً وَسَحَابَةً سَوْدَاءَ لَا يَتَبَاصَرُونَ تَحْتَهَا، وَأُمِرُوا أَنْ يَحْتَبُوا بِأَفْنِيَةِ بُيُوتِهِمْ، وَيَأْخُذَ الَّذِينَ لَمْ يَعْبُدُوا الْعِجْلَ سُيُوفَهُمْ، وَقِيلَ لَهُمْ: اصْبِرُوا، فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ مَدَّ طَرْفَهُ، أَوْ حَلَّ حَبْوَتَهُ، أَوِ اتَّقَى بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ، فَيَقُولُونَ: آمِينَ، فَقَتَّلُوهُمْ إِلَى الْمَسَاءِ، حَتَّى دَعَا مُوسَى وَهَارُونُ، قَالَا:
يَا رَبِّ! هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْبَقِيَّةَ الْبَقِيَّةَ، فَكُشِفَتِ السَّحَابَةُ وَنَزَلَتِ التَّوْبَةُ، فَسَقَطَتِ الشِّفَارُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَكَانَتِ الْقَتْلَى سَبْعِينَ أَلْفًا. انْتَهَى مَا نَقَلْنَاهُ مِنْ بَعْضِ مَا أَوْرَدَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَتْلِ وَفِي الْقَاتِلِينَ وَالْمَقْتُولِينَ. وَفِي ذَلِكَ مِنَ الِاتِّعَاظِ وَالِاعْتِبَارِ مَا يُوجِبُ مُبَادَرَةَ الِازْدِجَارِ عَنْ مُخَالَفَةِ الْمَلِكِ الْقَهَّارِ. وَانْظُرْ إِلَى لُطْفِ اللَّهِ بِهَذِهِ الْمِلَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، إِذْ جَعَلَ تَوْبَتَهَا فِي الْإِقْلَاعِ عَنِ الذَّنْبِ، وَالنَّدَمِ عَلَيْهِ، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْمُعَاوَدَةِ إِلَيْهِ.
وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ قُلْنَا: إِنَّ التَّوْبَةَ هِيَ نَفْسُ الْقَتْلِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ تَوْبَتُهَمْ قَتْلَ أَنْفُسِهِمْ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ، فَتُوبُوا، وَالْفَاءُ كَهِيَ فِي فَتُوبُوا مَعَهَا السَّبَبِيَّةُ. وَإِنْ قُلْنَا: إِنِ الْقَتْلَ هُوَ تَمَامُ تَوْبَتِهِمْ، فَتَكُونُ الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ، وَالْمَعْنَى فَأَتْبِعُوا التَّوْبَةَ الْقَتْلَ، تَتِمَّةً لِتَوْبَتِكُمْ. وَقَدْ أَنْكَرَ فِي الْمُنْتَخَبِ كَوْنَ الْقَتْلِ يَكُونُ تَوْبَةً وَجَعَلَ الْقَتْلَ شَرْطًا فِي التَّوْبَةِ، فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ مَجَازًا، كَمَا يُقَالُ لِلْغَاصِبِ إِذَا قَصَدَ التَّوْبَةَ: تَوْبَتُكَ رَدُّ مَا غَصَبْتَ، يَعْنِي أَنَّهُ لا تنم تَوْبَتُكَ إِلَّا بِهِ، فَكَذَلِكَ هنا. وتعدية التوبة بإلى مَعْنَاهُ الِانْتِهَاءُ بِهَا إِلَى اللَّهِ، فَتَكُونُ بَرِيئَةً مِنَ الرِّيَاءِ فِي التَّوْبَةِ، لِأَنَّهُمْ إِنْ رَاءَوْا بِهَا لَمْ تَكُنْ إِلَى اللَّهِ. وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَا وَقَعَ فِي الْمُنْتَخَبِ مِنْ أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُمْ مَا قَتَلُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ، إِذْ قَدْ نَقَلْنَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ. وَأَمَّا مَنْعُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ، بِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ نَقْضُ الْبِنْيَةِ الَّتِي عِنْدَهُ، يَجِبُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَيًّا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ إِنَّمَا

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست