responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 347
فِي الْأَشْيَاءِ الْحَظْرُ، أَوْ دُومُوا عَلَى الْأَكْلِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ الْأَصْلُ فيها الإباحة، وهاهنا قَوْلٌ مَحْذُوفٌ، أَيْ وَقُلْنَا: كُلُوا، وَالْقَوْلُ يُحْذَفُ كَثِيرًا وَيَبْقَى الْمَقُولُ، وَذَلِكَ لِفَهْمِ الْمَعْنَى، وَمِنْهُ: أَكَفَرْتُمْ؟ أَيْ فَيُقَالُ: أَكَفَرْتُمْ؟ وَحَذْفُ الْمَقُولِ وَإِبْقَاءُ الْقَوْلِ قَلِيلٌ، وَذَلِكَ أَيْضًا لِفَهْمِ الْمَعْنَى، قَالَ الشَّاعِرُ:
لَنَحْنُ الْأُلَى قُلْتُمْ فَأَنَّى مُلِئْتُمْ ... بِرُؤْيَتِنَا قَبْلَ اهْتِمَامٍ بِكُمْ رُعْبًا
التَّقْدِيرُ: قُلْتُمْ نُقَاتِلُهُمْ. مِنْ طَيِّباتِ: مِنْ: لِلتَّبْعِيضِ لِأَنَّ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى بَعْضُ الطَّيِّبَاتِ، وَأَبْعَدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهَا زَائِدَةٌ، وَلَا يَتَخَرَّجُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ، وَأَبْعَدُ مِنْ هَذَا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا لِلْجِنْسِ، لِأَنَّ الَّتِي لِلْجِنْسِ فِي إِثْبَاتِهَا خِلَافٌ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يُقَدَّرَ بَعْدَهُ مَوْصُولٌ يَكُونُ صِفَةً لَهُ. وَقَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا لِلْبَدَلِ، إِذْ هُوَ مَعْنًى مُخْتَلَفٌ فِي إِثْبَاتِهِ، وَلَمْ يَدْعُ إِلَيْهِ هُنَا مَا يُرَجِّحُ ذَلِكَ. وَالطَّيِّبَاتُ هُنَا قِيلَ: الْحَلَالُ، وَقِيلَ:
اللَّذِيذُ الْمُشْتَهَى. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَهُوَ كُلُوا مِنْ عِوَضِ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ، فَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ، عَوَّضَهُمْ عَنْ جَمِيعِ مَآكِلِهِمْ الْمُسْتَلَذَّةِ بِالْمَنِّ وَالسَّلْوَى، فَكَانَا بَدَلًا مِنَ الطَّيِّبَاتِ. وَقَدِ اسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِهِ: كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَضْعُ الْمَالِكِ الطَّعَامَ بَيْنَ يَدَيِ الْإِنْسَانِ فِي إِبَاحَةِ الْأَكْلِ، بَلْ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَهُوَ قَوْلٌ. وَقِيلَ: يُمْلَكُ بِالْوَضْعِ فَقَطْ، وَقِيلَ: بِالْأَخْذِ وَالتَّنَاوُلِ، وَقِيلَ: لَا يُمْلَكُ بِحَالٍ، بَلْ يُنْتَفَعُ بِهِ وَهُوَ عَلَى ملك المالك. وَمَا فِي قَوْلِهِ: مَا رَزَقْناكُمْ مَوْصُولَةٌ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، أَيْ مَا رَزَقْنَاكُمُوهُ، وَشُرُوطُ الْحَذْفِ فِيهِ مَوْجُودَةٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجَوِّزَ مُجَوِّزٌ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ ضَمِيرٍ، وَيَكُونُ يُطْلَقُ الْمَصْدَرُ عَلَى الْمَفْعُولِ، وَالْأَوَّلُ أَسْبَقُ إِلَى الذِّهْنِ.
وَما ظَلَمُونا نَفْيٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَقَعْ منهم ظلم لله تَعَالَى، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أنه ليس من شرط نَفْيَ الشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ إِمْكَانُ وُقُوعِهِ، لِأَنَّ ظُلْمَ الْإِنْسَانِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ أَلْبَتَّةَ.
قِيلَ: الْمَعْنَى وَمَا ظَلَمُونَا بِقَوْلِهِمْ: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً، بَلْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا قَابَلْنَاهُمْ بِهِ مِنَ الصَّاعِقَةِ. وَقِيلَ: وَمَا ظَلَمُونَا بِادِّخَارِهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، بَلْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِفَسَادِ طَعَامِهِمْ وَتَقْلِيصِ أَرْزَاقِهِمْ. وَقِيلَ: وَمَا ظَلَمُونَا بِإِبَائِهِمْ عَلَى مُوسَى أَنْ يَدْخُلُوا قَرْيَةَ الْجَبَّارِينَ. وَقِيلَ: وَمَا ظَلَمُونَا بِاسْتِحْبَابِهِمُ الْعَذَابَ وَقَطْعِهِمْ مَادَّةَ الرِّزْقِ عَنْهُمْ، بَلْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِذَلِكَ. وَقِيلَ: وَمَا ظَلَمُونَا بِكُفْرِ النِّعَمِ، بَلْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِحُلُولِ النِّقَمِ. وَقِيلَ: وَمَا ظَلَمُونَا بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ، بَلْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِقَتْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا.

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 347
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست