responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 586
مَعَ التَّكْوِينِ حَادِثٌ، وَقَدِ انْتَهَى مَا رَدَّهُ بِهِ ابْنُ عَطِيَّةَ. وَمَعْنَى رَدِّهِ: أَنَّ الْأَمْرَ عِنْدَهُ قَدْ تَمَّ، وَالتَّكْوِينَ حَادِثٌ، وَقَدْ نَسَقَ عَلَيْهِ بِالْفَاءِ، فَهُوَ مَعَهُ، أَيْ يَعْتَقِبُهُ، فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْقَدِيمَ لَا يَعْتَقِبُهُ الْحَادِثُ. وَتَقْرِيرُ الطَّبَرِيِّ لَهُ هُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَتَقَدَّمُ الْوُجُودَ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ. وَمَا رَدَّهُ بِهِ ابْنُ عَطِيَّةَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِأَنْ تُحْمَلَ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ ثَمَّ قَوْلًا وَأَمْرًا قَدِيمًا. أَمَّا إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ، وَمِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ، فَيَجُوزُ أن يعطف على تقول. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ: فَيَكُونَ بِالنَّصْبِ، وَفِي آلِ عِمْرَانَ: كُنْ فَيَكُونُ [1] وَنُعَلِّمُهُ، وَفِي النَّحْلِ، وَفِي مَرْيَمَ، وَفِي يس، وَفِي الْمُؤْمِنِ. وَوَافَقَهُ الْكِسَائِيُّ فِي النَّحْلِ وَيس، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ فِي آلِ عمران. وكُنْ فَيَكُونُ [2] قَوْلُهُ الْحَقُّ فِي الْأَنْعَامِ أَنَّهُ بِالرَّفْعِ، وَوَجْهُ النَّصْبِ أَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى لَفْظِ كُنْ، لِأَنَّهُ جَاءَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ، فَشُبِّهَ بِالْأَمْرِ الْحَقِيقِيِّ. وَلَا يَصِحُّ نَصْبُهُ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ الْحَقِيقِيِّ، لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى فِعْلَيْنِ يَنْتَظِمُ مِنْهُمَا شرط وجزاء نحو: ائْتِنِي فَأُكْرِمْكَ، إِذِ الْمَعْنَى: إِنْ تَأْتِنِي أُكْرِمْكَ. وَهُنَا لَا يَنْتَظِمُ ذَلِكَ، إِذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى: إِنْ يَكُنْ يَكُنْ، فَلَا بُدَّ مِنِ اخْتِلَافٍ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، إِمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَاعِلِ، وَإِمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفِعْلِ فِي نَفْسِهِ، أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ. وَحَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، فِي قِرَاءَةِ ابْنِ عَامِرٍ: أَنَّهَا لَحْنٌ، وَهَذَا قَوْلٌ خَطَأٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ فِي السَّبْعَةِ، فَهِيَ قِرَاءَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ، ثُمَّ هِيَ بَعْدُ قِرَاءَةُ ابْنِ عَامِرٍ، وَهُوَ رَجُلٌ عَرَبِيٌّ، لَمْ يَكُنْ لِيَلْحَنَ. وَقِرَاءَةُ الْكِسَائِيِّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَهُوَ إِمَامُ الْكُوفِيِّينَ فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا لَحْنٌ، مِنْ أَقْبَحِ الْخَطَأِ الْمُؤَثِّمِ الَّذِي يَجُرُّ قَائِلَهُ إِلَى الْكُفْرِ، إِذْ هُوَ طَعَنٌ عَلَى مَا عُلِمَ نَقْلُهُ بِالتَّوَاتُرِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَالرَّبِيعُ، وَالسُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي كُفَّارِ الْعَرَبِ حِينَ، طَلَبَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فِي النَّصَارَى، وَرَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ لِأَنَّهُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ أَوَّلًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا:
الْيَهُودُ الَّذِينَ كَانُوا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ رَافِعُ بْنُ خُزَيْمَةَ، مِنَ الْيَهُودِ: إِنْ كُنْتَ رَسُولًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَقُلْ لِلَّهِ يُكَلِّمُنَا حَتَّى نَسْمَعَ كَلَامَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: مُشْرِكُو مَكَّةَ.
وَقِيلَ: الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِلَى جَمِيعِ هَذِهِ الطَّوَائِفِ، لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الْمَوْصُولِ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي السَّبَبِ. فَإِنْ كَانَ الْمَوْصُولُ الْجَهَلَةَ مِنَ الْعَرَبِ، فَنَفَى عَنْهُمُ الْعِلْمَ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ كِتَابٌ، وَلَا هُمْ أتباع نبوّة، وإن

[1] سورة آل عمران: 3/ 47.
[2] سورة الأنعام: 6/ 73.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 586
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست