responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 641
الْعِبَادَةِ الْمَشْرُوعَةِ؟ وَقَالَ الْقَفَّالُ: دَعَاهُمْ إِلَى أَنْ لَا يَتَحَرَّوْا فِي أَعْمَالِهِمْ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهِمُ الِاشْتِغَالَ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَإِنَّمَا خَافَ عَلَيْهِمْ أَنْ تَشْغَلَهُمْ دُنْيَاهُمْ. وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شَفَقَةَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَوْلَادِهِمْ كَانَتْ فِي بَابِ الدِّينِ، وَهِمَّتُهُمْ مَصْرُوفَةٌ إِلَيْهِمْ. مِنْ بَعْدِي: يُرِيدُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِي،
وَحُكِيَ أَنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ خُيِّرَ، كَمَا يُخَيَّرُ الْأَنْبِيَاءُ، اخْتَارَ الْمَوْتَ وَقَالَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أُوصِيَ بَنِيَّ وَأَهْلِي، فَجَمَعَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلَ.
قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ: هَذِهِ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ.
وَقَرَأَ أُبَيٌّ: وَإِلَهَ إِبْرَاهِيمَ، بِإِسْقَاطِ آبَائِكَ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ يَعْمَرَ، وَالْجَحْدَرِيُّ، وَأَبُو رَجَاءٍ: وَإِلَهَ أَبِيكَ. فَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، فَإِبْرَاهِيمُ وَمَا بَعْدَهُ بَدَلٌ مِنْ آبَائِكَ، أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ. وَإِذَا كَانَ بَدَلًا، فَهُوَ مِنَ الْبَدَلِ التَّفْصِيلِيِّ، وَلَوْ قرىء فِيهِ بِالْقَطْعِ، لَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا. وَأَجَازَ الْمَهْدَوِيُّ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ وَمَا بَعْدَهُ مَنْصُوبًا عَلَى إِضْمَارِ، أَعْنِي:
وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَّ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَبٌ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْعَبَّاسِ: هَذَا بَقِيَّةُ آبَائِي، وَرُدُّوا عَلَيَّ أَبِي، وَأَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ، عَلَى الْقَوْلِ الشَّهِيرِ: أَنَّ الذَّبِيحَ هُوَ إِسْحَاقُ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْجَدَّ يُسَمَّى أَبًا لِقَوْلِهِ: وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ، وَإِبْرَاهِيمُ جَدٌّ لِيَعْقُوبَ. وَقَدِ اسْتَدَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ وَبِقَوْلِهِ: وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ [1] عَلَى تَوْرِيثِ الْجَدِّ دُونَ الْإِخْوَةِ، وَإِنْزَالِهِ مَنْزِلَةَ الْأَبِ فِي الْمِيرَاثِ، عِنْدَ فَقْدِ الْأَبِ، وَأَنْ لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُهُ وَحُكْمُ الْأَبِ فِي الْمِيرَاثِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الصِّدِّيقِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْوَةِ، مَا لَمْ تَنْقُصْهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنَ الثُّلُثِ، فَيُعْطَى الثُّلُثَ، وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْئًا، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ عَلِيٌّ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ أَحَدِ الْإِخْوَةِ، مَا لَمْ تَنْقُصْهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنَ السُّدُسِ، فَيُعْطَى السُّدُسَ، وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْئًا
، وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَحُجَجُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.
وَأَمَّا قِرَاءَةُ أُبَيٍّ فَظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ أَبِيكَ أُرِيدَ بِهِ الْإِفْرَادُ وَيَكُونُ إِبْرَاهِيمُ بَدَلًا مِنْهُ، أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ. وَقِيلَ: هُوَ جَمْعٌ سَقَطَتْ مِنْهُ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ، فَقَدْ جُمِعَ أَبٌ عَلَى أَبِينَ نَصْبًا وَجَرًّا، وَأَبُونَ رَفْعًا، حَكَى ذَلِكَ سِيبَوَيْهِ، وقال الشاعر:

[1] سورة يوسف: 12/ 38.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 641
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست