نام کتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 287
علمه أو ملكه، مأخوذ من كرسي العلم والملك، وقيل: جسم بين يدي العرش محيط بالسماوات السبع لقوله- عليه الصلاة والسلام-: «ما السموات السبع والأرضون السبع في الكرسي إلا كحلقة في فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة» ولعله الفلك المشهور بفلك البروج. هـ. قلت: وقد اعترض السيوطي في حاشيته عليه [1] . فالله تعالى أعلم.
وَلا يَؤُدُهُ أي: لا يُثْقله ولاَ يُشقُّ عليه حِفْظُهُما أي: حفظ السموات والأرض. وإنما لم يتعرض لذكر ما فيهما لأن حفظهما مُسْتَتْبع لحفظه، وَهُوَ الْعَلِيُّ أي: المتعالي عن الأشباه والأنداد، الْعَظِيمُ أي: عظيم الشأن، جليل القدر، الذي يستحقر كلُّ شيء دون عظمته.
وهذه الآية مشتملة على أمهات المسائل الإلهية، فإنها دالّة على أنه تعالى موجود واحد في الألوهية، متصف بالحياة الذاتية، واجب الوجود لذاته، موجد لغيره إذ القيوم هو القائم بنفسه المقيم لغيره، منزه عن التحيز والحلول، مُبرَّأ عن التغير والفتور، لا يناسب الأشباح، ولا يعتريه ما يعتري الأرواح، مالك الملك والملكوت، مبدع الأصول والفروع، ذو البطش الشديد، الذي لا يشفع عنده إلا من أذن له. عالم بالأشياء كلها: جليّها وخفيّها، كلّيّها وجِزْئيَّها.
واسع الملك والقدرة لكل ما يصح أن يملك ويقدر عليه، لا يشقُّ عليه شاقٌّ، ولا يشغله شأن عن شأن، مُتَعَالٍ عن تناول الأوهام، عظيمٌ لا تحيط به الأفهام، ولذلك تفردت عن أخواتها بفضائل رائعة وخواص فائقة، قال صلّى الله عليه وسلم:
«أعظمُ آيةٍ في القرآنِ آية الكرسىّ» . وقال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الكُرْسيّ دُبر كل صلاة مكتوبة لم يَمْنَعْهُ من دُخُولِ الْجنَّة إلا الموتُ- وفي رواية- كانَ الذي يَتوَلَّى قَبْضَ رُوحِه ذُو الجَلاَل والإكْرَام- ولا يُوَاظِبُ عليها إلا صِدِّيقٌ أو عَابدْ، ومن قَرَأها إذا أخَذ مَضْجَعَه أمن على نفْسِه وَجارِه وَجارِ جَارِه، والأبيات حوله» .
وقال عليه الصلاة والسلام: «ما قُرئت هذه الآيةُ في بيْت إلا هَجَرَتْهُ الشياطينُ ثلاثين يَوْماً، ولا يدْخُله ساحرُ ولا ساحرةٌ أربعين يوماً، يا عليّ علِّمْها ولدَك وأهلكَ وجيرانَك، فما نزلَتْ آيةٌ أعظمُ منها» . قاله البيضاوي وأبو السعود، وتكلم السيوطي في بعض هذه الأحاديث. والفضائل يعمل فيها بالضعيف. والله تعالى أعلم.
الإشارة: يا أيها الذين آمنوا أيمان أهل الخصوصية- (أَنفِقُواْ مما رزقناكم) من سعة العلوم ومخازن الفهوم، من قبل أن يأتي يوم اللقاء، يوم تسقط فيه المعاملات وتغيب تلك الإشارات، لا ينفع فيه إلا الدخول من باب الكرم، [1] في حاشيته على البيضاوي، والمسماة نواهد الأبكار وشوارد الأفكار.
نام کتاب : البحر المديد في تفسير القرآن المجيد نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 287