responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 143
فِيهَا، فَذَلِكَ أَمْرٌ يَتْبَعُ رِوَايَةَ الْقُرَّاءِ وَأَخْبَارَ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فَيَعُودُ إِلَى الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ.
وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكْتُبُوا أَسْمَاءَ السُّوَرِ وَكَوْنَهَا مَكِّيَّةً أَوْ مَدَنِيَّةً فِي الْمُصْحَفِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صُنْعِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ عَبْدِ الْحَكِيمِ فِي «حَاشِيَةِ الْبَيْضَاوِيِّ» ، وَأَمَّا إِذَا ثَبَتَ أَنَّ بَعْضَ السَّلَفِ كَتَبُوا ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُفَسِّرِينَ وَالْأُصُولِيِّينَ وَالْقُرَّاءِ كَمَا فِي «لَطَائِفِ الْإِشَارَاتِ» لِلْقَسْطَلَانِيِّ وَهُوَ مُقْتَضَى كِتَابَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مَا كَانُوا يجرأون عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى مَا فَعَلَهُ السَّلَفُ فَالِاحْتِجَاجُ حِينَئِذٍ بِالْكِتَابَةِ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ وَدَعْوَى كَوْنِ أَسْمَاءِ السُّوَرِ كُتِبَتْ بِلَوْنٍ مُخَالِفٍ لِحِبْرِ الْقُرْآنِ، يَرُدُّهُ أَنَّ الْمُشَاهَدَ فِي مَصَاحِفِ السَّلَفِ أَنَّ حِبْرَهَا بِلَوْنٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَكُنِ التَّلْوِينُ فَاشِيًا.
وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِمَا
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيءِ؟
فَقَالَ كَانَتْ مَدًّا ثُمَّ قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَمُدُّ بِسْمِ اللَّهِ وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ
، اهـ، وَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا لِأَنَّ ضَمِيرَ قَرَأَ وَضَمِيرَ يَمُدُّ عَائِدَانِ إِلَى أَنَسٍ، وَإِنَّمَا جَاءَ بِالْبَسْمَلَةِ عَلَى وَجْهِ التَّمْثِيلِ لِكَيْفِيَّةِ الْقِرَاءَةِ لِشُهْرَةِ الْبَسْمَلَةِ.
وَحُجَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَثَانِي قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ مَا
رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رفع رَأسه مُتَبَسِّمًا فَقُلْنَا مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ سُورَةٌ آنِفًا فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ

[الْكَوْثَرَ: 1] السُّورَةَ، قَالُوا وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ كَلَامُ اللَّهِ وَلِإِثْبَاتِ الصَّحَابَةِ إِيَّاهَا فِي الْمَصَاحِفِ مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى أَنْ لَا يُدْخِلُوا فِي الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَكْتُبُوا آمِينَ فِي الْفَاتِحَةِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْحَدِيثِ أَنَّا نَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ قَرَأَ الْبَسْمَلَةَ عَلَى أَنَّهَا مِنَ السُّورَةِ بَلِ افْتَتَحَ بِهَا عِنْدَ إِرَادَةِ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّهَا تُغْنِي عَنِ الِاسْتِعَاذَةِ إِذَا نَوَى الْمُبَسْمِلُ تَقْدِيرَ أَسْتَعِيذُ بِاسْمِ اللَّهِ وَحَذَفَ مُتَعَلِّقَ الْفِعْلِ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى نَحْوِ هَذَا لِأَن رَاوِيه أنسا بْنَ مَالِكٍ جَزَمَ فِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ بَسْمَلَ فِي الصَّلَاةِ. فَإِنْ أَبَوْا تَأْوِيلَهُ بِمَا تَأَوَّلْنَاهُ لَزِمَ اضْطِرَابُ أَنَسٍ فِي رِوَايَتِهِ اضْطِرَابًا يُوجِبُ سُقُوطَهَا.
وَالْحَقُّ الْبَيِّنُ فِي أَمْرِ الْبَسْمَلَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، أَنَّهَا كُتِبَتْ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ لِيَكُونَ
الْفَصْلُ مُنَاسِبًا لِابْتِدَاءِ الْمُصْحَفِ، وَلِئَلَّا يَكُونَ بِلَفْظٍ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست