responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 146
وَلَا يَنْظُرُ فِي حُكْمِ مَا يَقْرَأُهُ مِنْ لُزُومِ كَوْنِهِ كَمَا قَرَأَ أَوْ عدم اللُّزُوم، فالقراء تَجْرِي أَعْمَالُهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ عَلَى نَزَعَاتِهِمْ فِي الْفِقْهِ مِنِ اجْتِهَادٍ وَتَقْلِيدٍ، وَيُوَضَّحُ غَلَطُ مَنْ ظَنَّ أَنَّ خِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي إِثْبَاتِ الْبَسْمَلَةِ وَعَدَمِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْقُرَّاءِ، كَمَا يُوَضَّحُ
تَسَامُحُ صَاحِبِ «الْكَشَّافِ» فِي عَدِّهِ مَذَاهِبَ الْقُرَّاءِ فِي نَسَقِ مَذَاهِبِ الْفُقَهَاءِ. وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْمُجْتَهِدُونَ لِأَجْلِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي تَقَدَّمَ بَيَانُهَا، وَأَمَّا الْمُوَافَقَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ قُرَّاءِ أَمْصَارِهِمْ غَالِبًا فِي هَاتِهِ الْمَسْأَلَةِ فَسَبَبُهُ شُيُوعُ الْقَوْلِ بَيْنَ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ بِمَا قَالَ بِهِ فُقَهَاؤُهُ فِي الْمَسَائِلِ، أَوْ شُيُوعُ الْأَدِلَّةِ الَّتِي تَلَقَّاهَا المجتهدون من مشائخهم بَيْنَ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ وَلَوْ مِنْ قَبْلِ ظُهُورِ الْمُجْتَهِدِ مِثْلَ سَبْقِ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ إِلَى عَدَمِ ذِكْرِ الْبَسْمَلَةِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَالِكٌ بِعَدَمِ جُزْئِيَّتِهَا لِأَنَّ مَالِكًا تَلَقَّى أَدِلَّةَ نَفْيِ الْجُزْئِيَّةِ عَنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَعَنْهُمْ أَوْ عَنْ شُيُوخِهِمْ تَلَقَّى نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ، وَإِذْ قَدْ كُنَّا قَدْ تَقَلَّدْنَا مَذْهَبَ مَالِكٍ وَاطْمَأْنَنَّا لِمَدَارِكِهِ فِي انْتِفَاءِ كَوْنِ الْبَسْمَلَةِ آيَةً مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ كَانَ حَقًّا عَلَيْنَا أَنْ لَا نَتَعَرَّضَ لِتَفْسِيرِهَا هُنَا وَأَنْ نُرْجِئَهُ إِلَى الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّمْلِ [30] : إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ غَيْرَ أَنَّنَا لَمَّا وَجَدْنَا مَنْ سَلَفَنَا مِنَ الْمُفَسِّرِينَ كُلِّهِمْ لَمْ يُهْمِلُوا الْكَلَامَ عَلَى الْبَسْمَلَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ اقْتَفَيْنَا أَثَرَهُمْ إِذْ صَارَ ذَلِكَ مُصْطَلَحَ الْمُفَسِّرِينَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْمَجْرُورِ فِي بِسْمِ اللَّهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ هُنَا أَقْرَأُ، وَسَبَبُ حَذْفِ مُتَعَلِّقِ الْمَجْرُورِ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ سُنَّتْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ الْمَجْرُورِ فِيهَا حَذْفًا مُلْتَزَمًا إِيجَازًا اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ، وَقَدْ حَكَى الْقُرْآنُ قَوْلَ سَحَرَةِ فِرْعَوْنَ عِنْدَ شُرُوعِهِمْ فِي السِّحْرِ بِقَوْلِهِ: فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ [الشُّعَرَاء: 44] وَذَكَرَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقُولُونَ فِي ابْتِدَاءِ أَعْمَالِهِمْ: «بِاسْمِ اللَّاتِ بِاسْمِ الْعُزَّى» فَالْمَجْرُورُ ظَرْفُ لَغْوٍ مَعْمُولٍ لِلْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ وَمُتَعَلِّقٍ بِهِ وَلَيْسَ ظَرْفًا مُسْتَقِرًّا مِثْلَ الظُّرُوفِ الَّتِي تَقَعُ أَخْبَارًا، وَدَلِيل الْمُتَعَلّق ينبىء عَنْهُ الْعَمَلُ الَّذِي شُرِعَ فِيهِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا خَاصًّا مِنَ النَّوْعِ الدَّالِّ عَلَى مَعْنَى الْعَمَلِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ دُونَ الْمُتَعَلِّقِ الْعَام مثل أبتدىء لِأَنَّ الْقَرِينَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْمُتَعَلِّقِ هِيَ الْفِعْلُ الْمَشْرُوعُ فِيهِ الْمَبْدُوءُ بِالْبَسْمَلَةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُقَدَّرُ اللَّفْظَ الدَّالَّ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَلَا يَجْرِي [1] فِي هَذَا الْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ النُّحَاةِ فِي كَوْنِ مُتَعَلِّقِ الظُّرُوفِ هَلْ يُقَدَّرُ اسْمًا نَحْوَ كَائِنٍ أَوْ مُسْتَقِرٍّ أَمْ فِعْلًا نَحْوَ كَانَ أَوِ اسْتَقَرَّ لِأَنَّ ذَلِكَ الْخِلَافَ فِي الظُّرُوفِ الْوَاقِعَةِ أَخْبَارًا أَوْ أَحْوَالًا بِنَاءً عَلَى تَعَارُضِ

[1] هَذَا رد على ابْن عَطِيَّة وَبَعض الْمُفَسّرين إِذا فرضوا خلاف النُّحَاة مُعْتَبرا هُنَا.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست