responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 165
عَلَى أَنَّ لَاهَ مُخَفَّفُ اللَّهِ بِقَوْلِ ذِي الْأُصْبُعِ الْعَدْوَانِيِّ:
لَاهَ ابْنُ عَمِّكَ لَا أُفْضِلْتَ فِي حَسَبٍ ... عَنِّي وَلَا أَنْتَ دَيَّانِي فَتَخْزُونِي
وَبِقَوْلِهِمْ لَاهَ أَبُوكَ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَزِمَ حَالَةً وَاحِدَةً، إِذْ يَقُولُونَ لِلَّهِ أَبُوكَ وَلِلَّهِ ابْنُ عَمِّكَ وَلِلَّهِ أَنْتَ.
وَقَدْ ذُكِرَتْ وُجُوهٌ أُخَرُ فِي أَصْلِ اسْمِ الْجَلَالَةِ: مِنْهَا أَنَّ أَصْلَهُ لَاهٌ مَصْدَرُ لَاهَ يَلِيهُ لَيْهًا إِذَا احْتَجَبَ سُمِّيَ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلَمْحِ الْأَصْلِ كَالْفَضْلِ وَالْمَجْدِ اسْمَيْنِ، وَهَذَا الْوَجْهُ ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ جَوَّزَهُ. وَمِنْهَا أَنَّ أَصْلَهُ وِلَاهٌ بِالْوَاوِ فِعَالٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ وَلَهَ إِذَا تَحَيَّرَ، ثُمَّ قُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً لِاسْتِثْقَالِ الْكَسْرَةِ عَلَيْهَا، كَمَا قُلِبَتْ فِي إِعَاءٍ وَإِشَاحٍ، أَيْ وِعَاءٍ وَوِشَاحٍ، ثُمَّ عُرِّفَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ.
وَمِنْهَا أَنَّ أَصْلَهُ (لَاهَا) بِالسُّرْيَانِيَّةِ عَلَمٌ لَهُ تَعَالَى فَعُرِّبَ بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَإِدْخَالِ اللَّامِ عَلَيْهِ.
وَمِنْهَا أَنَّهُ عَلَمٌ وُضِعَ لِاسْمِ الْجَلَالَةِ بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِيِّ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ مِنْ أَلَّهَ وَتَصْيِيرِهِ الْإِلَهَ فَتَكُونُ مُقَارَبَتُهُ فِي الصُّورَةِ لِقَوْلِنَا الْإِلَهُ مُقَارَبَةً اتِّفَاقِيَّةً غَيْرَ مَقْصُودَةٍ، وَقَدْ قَالَ بِهَذَا جَمْعٌ مِنْهُمُ الزَّجَّاجُ وَنُسِبَ إِلَى الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ، وَوَجَّهَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تُهْمِلْ شَيْئًا حَتَّى وَضَعَتْ لَهُ لَفْظًا فَكَيْفَ يَتَأَتَّى مِنْهُمْ إِهْمَالُ اسْمٍ لَهُ تَعَالَى لِتَجْرِي عَلَيْهِ صِفَاتُهُ.
وَقَدِ الْتُزِمَ فِي لَفْظِ الْجَلَالَةِ تَفْخِيمُ لَامِهِ إِذَا لَمْ يَنْكَسِرْ مَا قَبْلَ لَفْظِهِ وَحَاوَلَ بَعْضُ الْكَاتِبِينَ تَوْجِيهَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَسْلَمُ مِنَ الْمَنْعِ، وَلِذَلِكَ أَبَى صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» التَّعْرِيجَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «وَعَلَى ذَلِكَ (أَيِ التَّفْخِيمُ) الْعَرَبُ كُلُّهُمْ، وَإِطْبَاقُهُمْ عَلَيْهِ دَلِيلُ أَنَّهُمْ وَرِثُوهُ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ» .
وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدَّمِ الْمُسْنَدُ الْمَجْرُورُ وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِاسْمِ الْجَلَالَةِ عَلَى الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ فَيُقَالُ لِلَّهِ الْحَمْدُ، لِأَنَّ الْمُسْنَدَ إِلَيْهِ حَمْدٌ عَلَى تَنْزِيلِ الْقُرْآنِ وَالتَّشَرُّفِ بِالْإِسْلَامِ وَهُمَا مِنَّةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَحَمِدَهُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ تِلَاوَةِ الْكِتَابِ الَّذِي بِهِ صَلَاحُ النَّاسِ فِي الدَّارَيْنِ فَكَانَ الْمَقَامُ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ اعْتِبَارًا لِأَهَمِّيَّةِ الْحَمْدِ الْعَارِضَةِ، وَإِنْ كَانَ ذِكْرُ اللَّهِ أَهَمَّ أَصَالَةً فَإِنَّ الْأَهَمِّيَّةَ الْعَارِضَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْأَهَمِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ لِاقْتِضَاءِ الْمَقَامِ وَالْحَالِ، وَالْبَلَاغَةُ هِيَ الْمُطَالِبَةُ لِمُقْتَضَى الْحَالِ، عَلَى أَنَّ الْحَمْدَ لَمَّا تَعَلَّقَ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ فِي الِاهْتِمَامِ بِهِ اهتمام بشؤون اللَّهِ تَعَالَى.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست