responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 171
إِمَّا بِسَمَاعِ الْفِعْلِ الْمُحَوَّلِ مِثْلِ فَقُهَ وَإِمَّا بِوُجُودِ أَثَرِهِ وَهُوَ الصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ مِثْلُ بَلِيغٍ إِذَا صَارَتِ الْبَلَاغَةُ سَجِيَّةً لَهُ، مَعَ عَدَمِ أَوْ قِلَّةِ سَمَاعِ بَلُغَ. وَمن هَذَا رَحْمَن إِذْ لَمْ يُسْمَعْ رَحُمَ بِالضَّمِّ. وَمِنَ النُّحَاةِ مَنْ مَنَعَ أَن يكون الرَّحْمَن صِفَةً مُشَبَّهَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ الْمُشْتَقَّ هُوَ مِنْهُ فِعْلٌ مُتَعَدٍّ وَإِلَيْهِ مَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي «شَرْحِ التَّسْهِيلِ» فِي بَابِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ وَنَظَّرَهُ بِرَبٍّ وَمَلِكٍ..
وَأَمَّا الرَّحِيمُ فَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلَى أَنَّهُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى دَلَالَتِهِ عَلَى التَّعَدِّي وَصَاحِبُ «الْكَشَّافِ» وَالْجُمْهُورُ لَمْ يُثْبِتُوا فِي أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ وَزْنَ فَعِيلٍ فَالرَّحِيمُ عِنْدَهُمْ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ أَيْضًا مِثْلَ مَرِيضٍ وَسَقِيمٍ، وَالْمُبَالَغَةُ حَاصِلَةٌ فِيهِ عَلَى كِلَا الِاعْتَبَارَيْنِ.
وَالْحَقُّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ سِيبَوَيْهِ.
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي أَنَّ الْوَصْفَيْنِ دَالَّانِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي صِفَةِ الرَّحْمَةِ أَيْ تَمَكُّنِهَا وَتَعَلُّقِهَا بِكَثِيرٍ مِنَ الْمَرْحُومِينَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي طَرِيقَةِ اسْتِفَادَةِ الْمُبَالَغَةِ مِنْهُمَا وَهَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ فِي الْوَصْفِ بِصِفَةِ الرَّحْمَةِ أَوْ بَيْنَهُمَا فَارِقٌ؟ وَالْحَقُّ أَنَّ اسْتِفَادَةَ الْمُبَالَغَةِ حَاصِلَةٌ مِنْ تَتَبُّعِ الِاسْتِعْمَالِ وَأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ جَرَى عَلَى نُكْتَةٍ فِي مُرَاعَاةِ وَاضِعِي اللُّغَةِ زِيَادَةَ الْمَبْنَى لِقَصْدِ زِيَادَةٍ فِي مَعْنَى الْمَادَّةِ قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : «وَيَقُولُونَ إِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْبِنَاءِ لِزِيَادَةِ الْمَعْنَى وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي الْغَضْبَانِ هُوَ الْمُمْتَلِئُ غَضَبًا وَمِمَّا طَنَّ عَلَى أُذُنِي مِنْ مُلَحِ الْعَرَبِ
أَنَّهُمْ يُسَمُّونَ مَرْكَبًا مِنْ مَرَاكِبِهِمْ بِالشُّقْدُفِ وَهُوَ مَرْكَبٌ خَفِيفٌ لَيْسَ فِي ثِقَلِ مَحَامِلِ الْعِرَاقِ فَقُلْتُ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ مَا اسْمُ هَذَا الْمَحْمَلِ- أَرَدْتُ الْمَحْمَلَ الْعِرَاقِيَّ- فَقَالَ أَلَيْسَ ذَاك اسْمه الشقندف؟ قُلْتُ بَلَى فَقَالَ هَذَا اسْمُهُ الشِّقِنْدَافُ فَزَادَ فِي بِنَاءِ الِاسْمِ لِزِيَادَةِ الْمُسَمَّى» وَهِيَ قَاعِدَةٌ أَغْلَبِيَّةٌ لَا تَتَخَلَّفُ إِلَّا فِي زِيَادَاتٍ مَعْرُوفَةٍ مَوْضُوعَةٍ لِزِيَادَةِ مَعْنًى جَدِيدٍ دُونَ زِيَادَةٍ فِي أَصْلِ مَعْنَى الْمَادَّةِ مِثْلَ زِيَادَةِ يَاءِ التَّصْغِيرِ فَقَدْ أَفَادَتْ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى أَصْلِ الْمَادَّةِ وَلَيْسَ زِيَادَةً فِي مَعْنَى الْمَادَّةِ. وَأَمَّا نَحْوُ حَذِرٌ الَّذِي هُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ أَقَلُّ حُرُوفًا مِنْ حَاذِرٍ فَهُوَ مِنْ مُسْتَثْنَيَاتِ الْقَاعِدَةِ لِأَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ.
وَبَعْدَ كَوْنِ كُلٍّ من صِفَتي الرَّحْمَن الرَّحِيمِ دَالَّةً عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي اتِّصَافِهِ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ فَقَدْ قَالَ الْجُمْهُور إِن الرَّحْمَن أَبْلَغُ مِنَ الرَّحِيمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْمَبْنَى تُؤْذِنُ بِزِيَادَةِ الْمَعْنَى وَإِلَى ذَلِك مَا جُمْهُورُ الْمُحَقِّقِينَ مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ وَابْنِ جِنِّي وَالزَّجَّاجِ وَالزَّمَخْشَرِيِّ وَعَلَى رَعْيِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَعْنِي أَنَّ زِيَادَةَ الْمَبْنَى تُؤْذِنُ بِزِيَادَةِ الْمَعْنَى فَقَدْ شَاعَ وُرُودُ إِشْكَالٍ عَلَى وَجْهِ إرداف وَصفه الرَّحْمَن بِوَصْفِهِ بِالرَّحِيمِ مَعَ أَنَّ شَأْنَ أَهْلِ الْبَلَاغَةِ إِذَا أَجْرَوْا وَصْفَيْنِ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي مَقَامِ الْكَمَالِ أَنْ يَرْتَقُوا مِنَ الْأَعَمِّ إِلَى الْأَخَصِّ وَمِنَ الْقَوِيِّ إِلَى الْأَقْوَى كَقَوْلِهِمْ شُجَاعٌ بَاسِلٌ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست