responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 213
فَنَاسَبَ افْتِتَاحُ مَا بِهِ الْإِعْجَازُ بِالتَّمْهِيدِ لِمُحَاوَلَتِهِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ التَّهَجِّيَ ظَاهِرٌ فِي هَذَا الْمَقْصِدِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنْهُ لِظُهُورِ أَمْرِهِ وَأَنَّ التَّهَجِّيَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ لِلتَّعْلِيمِ فَإِذَا ذَكَرْتَ حُرُوفَ الْهِجَاءِ عَلَى تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ الْمَعْهُودَةِ فِي التَّعْلِيمِ فِي مَقَامٍ غَيْرِ صَالِحٍ لِلتَّعْلِيمِ عَرَفَ السَّامِعُونَ
أَنَّهُمْ عُومِلُوا مُعَامَلَةَ الْمُتَعَلِّمِ لِأَنَّ حَالَهُمْ كَحَالِهِ فِي الْعَجْزِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِكَلَامٍ بَلِيغٍ، وَيُعَضِّدُ هَذَا الْوَجْهَ تَعْقِيبُ هَاتِهِ الْحُرُوفِ فِي غَالِبِ الْمَوَاقِعِ بِذِكْرِ الْقُرْآنِ وتنزيله أَو كتابيته إِلَّا فِي كهيعص [مَرْيَم: 1] والم أَحَسِبَ النَّاسُ [العنكبوت: 1، 2] والم غُلِبَتِ الرُّومُ [الرُّومُ: 1، 2] وَوَجْهُ تَخْصِيصِ بَعْضِ تِلْكَ الْحُرُوفِ بِالتَّهَجِّي دُونَ بَعْضٍ، وَتَكْرِيرِ بَعْضِهَا لِأَمْرٍ لَا نَعْلَمُهُ وَلَعَلَّهُ لِمُرَاعَاةِ فَصَاحَةِ الْكَلَامِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مُعْظَمَ مَوَاقِعِ هَذِهِ الْحُرُوفِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ عَدَا الْبَقَرَةَ عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلُوهَا كُلَّهَا مَدَنِيَّةً وَآلَ عِمْرَانَ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا نَزَلَتَا بِقُرْبِ عَهْدِ الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ وَأَنَّ قَصْدَ التَّحَدِّي فِي الْقُرْآنِ النَّازِلِ بِمَكَّةَ قَصْدٌ أَوْلَى، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا الْحُرُوفُ الَّتِي أَسْمَاؤُهَا مَخْتُومَةٌ بِأَلِفٍ مَمْدُودَةٍ مِثْلَ الْيَاءِ وَالْهَاءِ وَالرَّاءِ وَالطَّاءِ وَالْحَاءِ قُرِئَتْ فَوَاتِحُ السُّوَرِ مَقْصُودَةً عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي يُتَهَجَّى بِهَا لِلصِّبْيَانِ فِي الْكِتَابِ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي آخِرِ هَذَا الْمَبْحَثِ مِنْ تَفْسِيرِ الم.
الْقَوْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنَّهَا تَعْلِيمٌ لِلْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ حَتَّى إِذَا وَرَدَتْ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ مُؤَلَّفَةً كَانُوا قَدْ عَلِمُوهَا كَمَا يَتَعَلَّمُ الصِّبْيَانُ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ، ثُمَّ يَتَعَلَّمُونَهَا مُرَكَّبَةً قَالَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى، يَعْنِي إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ إِلَّا بَعْضُ الْمُدُنِ كَأَهْلِ الْحِيرَةِ وَبَعْضُ طَيْءٍ وَبَعْضُ قُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَلَقَدْ تَقَلَّبَتْ أَحْوَالُ الْعَرَبِ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ تَقَلُّبَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ فِي الْعُصُورِ الْمُخْتَلفَة، فَكَانُوا بادىء الْأَمْرِ أَهْلَ كِتَابَةٍ لِأَنَّهُمْ نَزَحُوا إِلَى الْبِلَادِ الْعَرَبِيَّةِ مِنَ الْعِرَاقِ بَعْدَ تَبَلْبُلِ الْأَلْسُنِ، وَالْعِرَاقُ مَهْدُ الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ وَقَدْ أَثْبَتَ التَّارِيخُ أَنَّ ضَخْمَ بْنَ إِرَمَ أَوَّلُ مَنْ عَلَّمَ الْعَرَبَ الْكِتَابَةَ وَوَضَعَ حُرُوفَ الْمُعْجَمِ التِّسْعَةَ وَالْعِشْرِينَ، ثُمَّ إِنَّ الْعَرَبَ لَمَّا بَادُوا (أَيْ سَكَنُوا الْبَادِيَةَ) تَنَاسَتِ الْقَبَائِلُ الْبَادِيَةُ بِطُولِ الزَّمَانِ الْقِرَاءَةَ وَالْكِتَابَةَ، وَشَغَلَهُمْ حَالُهُمْ عَنْ تَلَقِّي مَبَادِئِ الْعُلُومِ، فَبَقِيَتِ الْكِتَابَةُ فِي الْحَوَاضِرِ كَحَوَاضِرِ الْيَمَنِ وَالْحِجَازِ، ثُمَّ لَمَّا تَفَرَّقُوا بَعْدَ سَيْلِ الْعَرِمِ نَقَلُوا الْكِتَابَةَ إِلَى الْمَوَاطِنِ الَّتِي نَزَلُوهَا فَكَانَتْ طَيْءٌ بِنَجْدٍ يَعْرِفُونَ الْقِرَاءَةَ وَالْكِتَابَةَ، وَهُمُ الْفِرْقَةُ الْوَحِيدَةُ مِنَ الْقَحْطَانِيِّينَ بِبِلَادِ نَجْدٍ وَلِذَلِكَ يَقُولُ أَهْلُ الْحِجَازِ وَنَجْدٍ أَنَّ الَّذِينَ وَضَعُوا الْكِتَابَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ بَنِي بُولَانَ مِنْ طَيْءٍ يُرِيدُونَ مِنَ الْوَضْعِ أَنَّهُمْ عَلَّمُوهَا لِلْعَدْنَانِيِّينَ بِنَجْدٍ، وَكَانَ أَهْلُ الْحِيرَةِ يُعَلِّمُونَ الْكِتَابَةَ فَالْعَرَبُ بِالْحِجَازِ تَزْعُمُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 213
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست