responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 225
صَاحِبِ «الْمِفْتَاحِ» فِي تَقْدِيمِ الْمُسْنَدِ لِلِاخْتِصَاصِ سَوَّى فِيهَا بَيْنَ مَا جَاءَ بِالْإِثْبَاتِ وَمَا جَاءَ بِالنَّفْيِ. وَعِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ سَأَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ [الْبَقَرَة: 272] . وَحُكْمُ حَرَكَةِ هَاءِ الضَّمِيرِ أَوْ سُكُونِهَا مُقَرَّرَةٌ فِي عِلْمِ الْقِرَاءَاتِ فِي قِسْمِ أُصُولِهَا.
وَقَوْلُهُ: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الْهُدَى اسْمُ مَصْدَرِ الْهَدْيِ لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ إِلَّا سُرًى وَتُقًى وَبُكًى وَلُغًى مَصْدَرُ لَغَى فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ. وَفِعْلُهُ هَدَى هَدْيًا يَتَعَدَّى إِلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي بِإِلَى وَرُبَّمَا تَعَدَّى إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ عَلَى طَرِيقَةِ الْحَذْفِ الْمُتَوَسَّعِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [الْفَاتِحَة: 6] .
وَالْهُدَى عَلَى التَّحْقِيقِ هُوَ الدَّلَالَةُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا الْإِيصَالُ إِلَى الْبُغْيَةِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّرَادُفِ فَلَا يَكُونُ هَدَى مُرَادِفًا لِدَلَّ وَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الْهُدَى الدَّلَالَةُ الْكَامِلَةُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْمَعْنَى الْمَنْقُولِ إِلَيْهِ الْهُدَى فِي الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ. وَهُوَ أَسْعَدُ بِقَوَاعِدِ الْأَشْعَرِيِّ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ الَّذِي هُوَ الْإِيصَالُ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَلْبِ الْمُوَفَّقِ فَيُنَاسِبُ تَفْسِيرَ الْهِدَايَةِ بِمَا يَصْلُحُ لَهُ لِيَكُونَ الَّذِي يَهْدِي يُوصِلُ الْهِدَايَةَ الشَّرْعِيَّةَ.
فَالْقُرْآنُ هُدًى وَوَصْفُهُ بِالْمَصْدَرِ لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ هُوَ هَادٍ.
وَالْهُدَى الشَّرْعِيُّ هُوَ الْإِرْشَادُ إِلَى مَا فِيهِ صَلَاحُ الْعَاجِلِ الَّذِي لَا يَنْقُضُ صَلَاحَ الْآجِلِ. وَأَثَرُ هَذَا الْهُدَى هُوَ الِاهْتِدَاءُ فَالْمُتَّقُونَ يَهْتَدُونَ بِهَدْيِهِ وَالْمُعَانِدُونَ لَا يَهْتَدُونَ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَدَبَّرُونَ، وَهَذَا مَعْنًى لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي مَنْشَأِ حُصُولِ الِاهْتِدَاءِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ لَا حَاجَةَ إِلَيْهَا فِي فَهْمِ الْآيَةِ. وَتَفْصِيلُ أَنْوَاعِ الْهِدَايَةِ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
اهْدِنَا الصِّراطَ. وَمَحَلُّ (هُدًى) إِنْ كَانَ هُوَ صَدْرُ جُمْلَةٍ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ هُوَ ضَمِيرُ (الْكَتَابِ) فَيَكُونُ الْمَعْنَى الْإِخْبَارُ عَنِ الْكِتَابِ بِأَنَّهُ الْهُدَى وَفِيهِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي حُصُولِ الْهِدَايَةِ بِهِ مَا يَقْتَضِيِهِ الْإِخْبَارُ بِالْمَصْدَرِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى بُلُوغِهِ الْغَايَةَ فِي إِرْشَادِ النَّاسِ حَتَّى كَانَ هُوَ عَيْنُ الْهُدَى تَنْبِيهًا عَلَى رُجْحَانِ هُدَاهُ عَلَى هُدَى مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ لَا رَيْبَ وَكَانَ الظَّرْفُ صَدْرَ الْجُمْلَةِ الْمُوَالِيَةِ وَكَانَ قَوْلُهُ هُدىً مُبْتَدَأً خَبَرُهُ الظَّرْفُ الْمُتَقَدِّمُ قَبْلَهُ فَيَكُونُ إِخْبَارًا بِأَنَّ فِيهِ هُدًى فَالظَّرْفِيَّةُ تَدُلُّ عَلَى تَمَكُّنِ الْهُدَى مِنْهُ فَيُسَاوِي ذَلِكَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى التَّمَكُّنِ الْوَجْهَ الْمُتَقَدِّمَ الَّذِي هُوَ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِأَنَّهُ عَيْنُ الْهُدَى.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست