responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 270
وَهُوَ كَالْكَافِرِ فِي الذَّمِّ وَاللَّعْنِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَاعْتِقَادُ عَدَاوَتِهِ وَأَنْ لَا تُقْبَلَ لَهُ شَهَادَةٌ اهـ، فَتَرَاهُ مَعَ إِيضَاحِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَصَرَّحَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [93] بِمَا يُعَمِّمُ خُلُودَ أَهْلِ الْكَبَائِرِ دُونَ تَوْبَةٍ فِي النَّارِ.
قُلْتُ وَكَانَ الشَّانُ أَنَّ إِجْرَاءَ الْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّةِ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ خَالِدٍ إِذْ لَا يُعْقَلُ أَنْ تَجْرِيَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ وَتَنْتَفِيَ عَنْهُ الثَّمَرَةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا فَارَقَ الْكُفْرَ إِذِ الْمُسْلِمُ إِنَّمَا أَسْلَمَ فِرَارًا مِنَ الْخُلُودِ فِي النَّارِ فَكَيْفَ يَكُونُ ارْتِكَابُ بَعْضِ الْمَعَاصِي مُوجِبًا لِانْتِقَاضِ فَائِدَةِ الْإِسْلَامِ، وَإِذَا كَانَ أَحَدٌ لَا يَسْلَمُ مِنْ أَنْ يُقَارِفَ مَعْصِيَةً وَكَانَتِ التَّوْبَةُ الصَّادِقَةُ قَدْ تَتَأَخَّرُ وَقَدْ لَا تَحْصُلُ فَيَلْزَمُهُمْ وَيَلْزَمُ الْخَوَارِجَ أَنْ يَعُدُّوا جُمْهُورَ الْمُسْلِمِينَ كُفَّارًا وَبِئْسَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ. عَلَى أَنَّ هَذَا مِمَّا يجرّيء الْعُصَاةَ عَلَى نَقْضِ عُرَى الدِّينِ إِذْ يَنْسَلُّ عَنْهُ الْمُسْلِمُونَ لِانْعِدَامِ الْفَائِدَةِ الَّتِي أَسْلَمُوا لِأَجْلِهَا بِحُكْمِ:
أَنَا الْغَرِيقُ فَمَا خَوْفِي مِنَ الْبَلَلِ، وَمِنَ الْعَجِيبِ أَنْ يَصْدُرَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ عَاقِلٍ فَضْلًا عَنْ عَالِمٍ، ثُمَّ الْأَعْجَبُ مِنْهُ عُكُوفُ أَتْبَاعِهِمْ عَلَيْهِ تَلُوكُهُ أَلْسِنَتُهُمْ وَلَا تَفْقَهُهُ أَفْئِدَتُهُمْ وَكَيْفَ لَمْ يُقَيَّضْ فِيهِمْ عَالِمٌ مُنْصِفٌ يَنْبَرِي لِهَاتِهِ التُّرَّهَاتِ فَيُهَذِّبُهَا أَوْ يُؤَوِّلُهَا كَمَا أَرَادَ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ مِنْ صَدْرِ الْأُمَّةِ فَمَنْ يَلِيهِمْ.
الْقَوْلُ الْخَامِسُ: قَالَتِ الْكَرَّامِيَّةُ الْإِيمَانُ هُوَ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ إِذَا لَمْ يُخَالِفِ الِاعْتِقَادُ الْقَوْلَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ شَيْءٌ مِنَ الْمَعْرِفَةِ وَالتَّصْدِيقِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ يُعْتَقَدُ خِلَافَ مَقَالِهِ بَطَلَ إِيمَانُهُ وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى الِاعْتِدَادِ بِإِيمَانِ مَنْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَشْغَلْ عَقْلَهُ بِاعْتِقَادِ مَدْلُولِهِمَا بَلْ يُكْتَفَى مِنْهُ بِأَنَّهُ لَا يُضْمِرُ خِلَافَ مَدْلُولِهِمَا وَهَذِهِ أَحْوَالٌ نَادِرَةٌ لَا يَنْبَغِي الْخَوْضُ فِيهَا. أَوْ أَرَادُوا أَنَّهُ تَجْرِي عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ أَحْكَامُ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ أَنَّ الْكَرَّامِيَّةَ لَا يُنْكِرُونَ أَنَّ مَنْ يَعْتَقِدُ خِلَافَ مَا نَطَقَ بِهِ مِنَ الشَّهَادَتَيْنِ أَنَّهُ خَالِدٌ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَفِي «تَفْسِيرِ الْفَخْرِ» أَنَّ غَيْلَانَ الدِّمَشْقِيَّ وَافَقَ الْكَرَّامِيَّةَ.
هَذِهِ جَوَامِعُ أَقْوَالِ الْفِرَقِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ. وَأَنَا أَقُولُ كَلِمَةً أَرْبَأُ بِهَا عَنِ الِانْحِيَازِ إِلَى نُصْرَةٍ وَهِيَ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَوَّلِ خُطُوَاتِ مَسِيرِهِمْ وَأَوَّلِ مَوْقِفٍ مِنْ مَوَاقِفِ أَنْظَارِهِمْ وَقَدْ مَضَتْ عَلَيْهِ الْأَيَّامُ بَعْدَ الْأَيَّامِ وَتَعَاقَبَتِ الْأَقْوَامُ بَعْدَ الْأَقْوَامِ يُعَدُّ نَقْصًا عِلْمِيًّا لَا يَنْبَغِي الْبَقَاءُ عَلَيْهِ، وَلَا أَعْرِفُنِي بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ مُلْتَفِتًا إِلَيْهِ.
لَا جَرَمَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ أَوَّلُ مَا طَلَبَتْ مِنَ النَّاسِ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ لِيَخْرُجُوا بِذَلِكَ مِنْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 270
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست