responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 295
وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ.
يَتَعَيَّنُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ.
و (يمد) فِعْلٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمَدَدِ وَهُوَ الزِّيَادَةُ، يُقَالُ مَدَّهُ إِذَا زَادَهُ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي
الِاشْتِقَاقِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى الْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ، وَدَلِيلُهُ أَنَّهُمْ ضَمُّوا الْعَيْنَ فِي الْمُضَارِعِ عَلَى قِيَاسِ الْمُضَاعَفِ الْمُتَعَدِّي، وَقَدْ يَقُولُونَ أَمَدَّهُ بِهَمْزَةِ التَّعْدِيَةِ عَلَى تَقْدِيرِ جَعَلَهُ ذَا مَدَدٍ ثُمَّ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ مَدَّ فِي الزِّيَادَةِ فِي ذَاتِ الْمَفْعُولِ نَحْوُ مَدَّ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَمَدَّ الْأَرْضَ أَيْ مَطَّطَهَا وَأَطَالَهَا، وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُ أَمَدَّ الْمَهْمُوزِ فِي الزِّيَادَةِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ أَشْيَاءَ يَحْتَاجُهَا نَحْوُ أَمَدَّهُ بِجَيْشٍ: أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ [الشُّعَرَاء: 133] . وَإِنَّمَا اسْتُعْمِلَ هَذَا فِي مَوْضِعِ الْآخَرِ عَلَى الْأَصْلِ فَلِذَلِكَ قِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الِاسْتِعْمَالِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ أَمَدَّ الْمَهْمُوزُ بِالْخَيرِ نَحْو: أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ [النَّمْل: 36] أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ [الْمُؤْمِنُونَ: 55] ، وَيَخْتَصُّ مَدَّ بِغَيْرِ الْخَيْرِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ فِي كِتَابِ «الْحُجَّةِ» ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ، إِلَّا الْمُعَدَّى بِاللَّامِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالزِّيَادَةِ فِي الْعُمُرِ وَالْإِمْهَالِ فِيهِ عِنْدَ الزَّمَخْشَرِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ اللُّغَوِيِّينَ فَاسْتَغْنَوْا بِذِكْرِ اللَّامِ الْمُؤْذِنَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ لِلنَّفْعِ وَلِلْأَجَلِ (بِسُكُونِ الْجِيمِ) عَنِ التَّفْرِقَةِ بِالْهَمْزِ رُجُوعًا لِلْأَصْلِ لِئَلَّا يَجْمَعُوا بَيْنَ مَا يَقْتَضِي التَّعْدِيَةَ وَهُوَ الْهَمْزَةُ وَبَيْنَ مَا يَقْتَضِي الْقُصُورَ وَهُوَ لَامُ الْجَرِّ، وَكُلُّ هَذَا مِنْ تَأْثِيرِ الْأَمْثِلَةِ عَلَى النَّاظِرِينَ وَهِيَ طَرِيقَةٌ لَهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَتَفَرَّعُ مَعْنَاهَا الْوَضْعِيُّ إِلَى مَعَانٍ جُزْئِيَّةٍ لَهُ أَوْ مُقَيَّدَةٍ أَوْ مَجَازِيَّةٍ أَنْ يَخُصُّوا بَعْضَ لُغَاتِهِ أَوْ بَعْضَ أَحْوَالِهِ بِبَعْضِ تِلْكَ الْمَعَانِي جَرْيًا وَرَاءَ التَّنْصِيصِ فِي الْكَلَامِ وَدَفْعِ اللَّبْسِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. وَهَذَا مِنْ دَقَائِقِ اسْتِعْمَالِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فَلَا يُقَالُ إِنَّ دَعْوَى اخْتِصَاصِ بَعْضِ الِاسْتِعْمَالَاتِ بِبَعْضِ الْمَعَانِي هِيَ دَعْوَى اشْتِرَاكٍ أَوْ دَعْوَى مَجَازٍ وَكِلَاهُمَا خِلَافُ الْأَصْلِ كَمَا أَوْرَدَ عَبْدُ الْحَكِيمِ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّخْصِيصَ كَمَا عَلِمْتَ اصْطِلَاحٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ لَا تَعَدُّدُ وَضْعٍ وَلَا اسْتِعْمَالٌ فِي غَيْرِ الْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فَرَقَ وَفَرَّقَ وَوَعَدَ وَأَوْعَدَ وَنَشَدَ وَأَنْشَدَ وَنَزَّلَ (الْمُضَاعَفُ) وَأَنْزَلَ، وَقَوْلُهُمِ الْعِثَارُ مَصْدَرُ عَثَرَ إِذْ أُرِيدَ بِالْفِعْلِ الْحَقِيقَةُ، وَالْعُثُورُ مَصْدَرُ عَثَرَ إِذْ أُرِيدَ بِالْفِعْلِ الْمَجَازُ وَهُوَ الِاطِّلَاعُ، وَقَدْ فَرَّقَتِ الْعَرَبُ فِي مَصَادِرِ الْفِعْلِ الْوَاحِدِ وَفِي جُمُوعِ الِاسْمِ الْوَاحِدِ لِاخْتِلَافِ الْقُيُودِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست