responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 404
فِي شَأْنِهِ مِنَ النَّقَائِصِ، وَرُجْحَانِ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ عَلَى مَفْسَدَةِ ذِكْرِ أَحَدٍ بِمَا يَكْرَهُ، وَلِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِذَلِكَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ إِذِ الْحَكُمُ عَلَى النَّوْعِ، فَانْتَفَى جَمِيعُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْغِيبَةِ مِنَ الْمَفَاسِدِ فِي وَاقِعَةِ الْحَالِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُحْجِمْ عَنْهَا الْمَلَائِكَةُ.
ونُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ.
الْوَاوُ مُتَعَيِّنَةٌ لِلْحَالِيَّةِ إِذْ لَا مَوْقِعَ لِلْعَطْفِ هُنَا وَإِنْ كَانَ مَا بَعْدَ الْوَاوِ مِنْ مِقْوَلِهِمْ وَمَحْكِيًّا عَنْهُمْ لَكِنَّ الْوَاوَ مِنَ الْمَحْكِيِّ وَلَيْسَتْ مِنَ الْحِكَايَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنْهُ تَفْوِيضَ الْأَمْرِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَاتِّهَامَ عِلْمِهِمْ فِيمَا أَشَارُوا بِهِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُسْتَشَارُ مَعَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَسَدُّ مِنْهُ رَأْيًا وَأَرْجَحُ عَقْلًا فَيُشِيرُ ثُمَّ يُفَوِّضُ كَمَا قَالَ أَهْلُ مَشُورَةِ بِلْقِيسَ إِذْ قَالَتْ: أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ- أَيِ الرَّأْيُ أَنْ نُحَارِبَهُ وَنَصُدَّهُ عَمَّا يُرِيدُ مِنْ قَوْلِهِ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ [النَّمْل: 31]- وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تأمرين [النَّمْل: 32، 33] ، وَكَمَا يَفْعَلُ التِّلْمِيذُ مَعَ الْأُسْتَاذِ فِي بَحْثِهِ مَعَهُ ثُمَّ يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ مَبْلَغُ عِلْمِهِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ الْفَصْلَ لِلْأُسْتَاذِ، أَوْ هُوَ إِعْلَانٌ بِالتَّنْزِيهِ لِلْخَالِقِ عَنْ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا بَدَا لَهُمْ مِنْ مَانِعِ اسْتِخْلَافِ آدَمَ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ شَائِبَةِ الِاعْتِرَاضِ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بَرَاءَتَهُمْ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ كَلَامَهُمْ جَرَى عَلَى طَرِيقَةِ التَّعْبِيرِ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إِعْلَامِ الْغَيْرِ، أَوْ لِأَنَّ فِي نَفْسِ هَذَا التَّصْرِيحِ تَبَرُّكًا وَعِبَادَةً، أَوْ إِعْلَانٌ لِأَهْلِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى بِذَلِكَ.
فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْعَطف غير جَائِز لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْمَحْكِيَّةَ بِالْقَوْلِ إِذَا عُطِفَتْ عَلَيْهَا جُمْلَةٌ أُخْرَى مِنَ الْقَوْلِ فَالشَّأْنُ أَنْ لَا يُقْصَدَ الْعَطْفُ عَلَى تَقْدِيرِ عَامِلِ الْقَوْلِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْقَوْلَانِ فِي وَقْتَيْنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمرَان: 173] عَلَى أَحَدِ الْوُجُوهِ فِي عَطْفِ جُمْلَةِ نِعْمَ الْوَكِيلُ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَوْنَ صِحَّةَ عَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ صِحَّةَ عَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ وَعَكْسِهِ وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي حُسْنَ الْكَلَامِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حَظٌّ لِلْعَطْفِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ إِذَا حَكَوْا حَادِثًا مُلِمًّا أَوْ مُصَابًا جَمًّا أَعَقَبُوهُ بِنَحْوِ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ أَوْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ [1] وَلَا يَعْطِفُونَ
مِثْلَ ذَلِكَ فَكَانَتِ الْوَاوُ وَاوَ الْحَالِ لِلْإِشَارَةِ

[1] مثل قَول الفرزدق:
أتعدل أحسابا كراما حماتها ... بأحسابكم إنّي إِلَى الله رَاجع
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 404
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست