responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 506
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ وَقَعَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْعَفْوِ عَنْ عِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَرْتِيبِ الْآيَاتِ، رَوَى ذَلِكَ الْبَغَوِيُّ عَنِ السُّدِّيِّ، وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ سَأَلُوهُ عِنْدَ مُنَاجَاتِهِ وَإِنَّ السَّائِلِينَ هُمُ السَبْعُونَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ مُوسَى لِلْمِيقَاتِ وَهُمُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُمْ فِي التَّوْرَاةِ بِالْكَهَنَةِ وَبِشُيُوخِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَقِيلَ: سَأَلَ ذَلِكَ جَمْعٌ مِنْ عَامَّةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ نَحْوَ الْعَشَرَةِ الْآلَافِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ حَكَاهُمَا فِي «الْكَشَّافِ» وَلَيْسَ فِي التَّوْرَاةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ لِتَرْجِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَا مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي وُقُوعِ هَذَا السُّؤَالِ وَلَكِنْ ظَاهِرُ مَا فِي سِفْرِ التَّثْنِيَةِ مِنْهَا مَا يُشِيرُ إِلَى أَنَّ هَذَا الِاقْتِرَاحَ قَدْ صَدَرَ وَأَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الْأَوَّلِ لِمُوسَى لِأَنَّهَا لَمَّا حَكَتْ تَذْكِيرَ مُوسَى فِي مُخَاطَبَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ذَكَرَتْ مَا يُغَايِرُ كَيْفِيَّةَ الْمُنَاجَاةِ الْأُولَى إِذْ قَالَ [1] : فَلَمَّا سَمِعْتُمُ الصَّوْتَ مِنْ وَسَطِ الظَّلَامِ وَالْجَبَلُ يَشْتَعِلُ بِالنَّارِ تَقَدَّمَ إِلَيَّ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ أَسْبَاطِكُمْ وَشُيُوخِكُمْ وَقُلْتُمْ هُوَ ذَا الرَّبُّ إِلَهُنَا قَدْ أَرَانَا مَجْدَهُ وَعَظَمَتَهُ وَسَمِعْنَا صَوْتَهُ مِنْ وَسَطِ النَّار ... إِن عِنْد مَا نَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلَهَنَا أَيْضًا نَمُوتُ ... تَقَدَّمْ أَنْتَ وَاسْمَعْ كُلَّ مَا يَقُولُ لَكَ الرَّبُّ إِلَهُنَا وَكَلِّمْنَا بِكُلِّ مَا يُكَلِّمُكَ بِهِ الرَّبُّ إِلْخَ. فَهَذَا يُؤْذِنُ أَنَّ هُنَالِكَ تَرَقُّبًا كَانَ مِنْهُمْ لِرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ مَا بَلَغَ بِهِمْ مَبْلَغَ الْمَوْتِ، وَبَعْدُ فَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مصر.
وَمعنى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ تَوَقَّعُوا الْكُفْرَ إِنْ لَمْ يَرَوُا اللَّهَ تَعَالَى أَيْ أَنَّهُمْ
يَرْتَدُّونَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَنْ إِيمَانِهِمُ الَّذِي اتَّصَفُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الْإِيمَانَ الْكَامِلَ الَّذِي دَلِيلُهُ الْمُشَاهَدَةُ أَيْ أَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الْإِيمَانَيْنِ يَنْتَفِي إِنْ لَمْ يَرَوُا اللَّهَ جَهْرَةً لِأَنَّ لَنْ لِنَفْيِ الْمُسْتَقْبَلِ قَالَ سِيبَوَيْهِ: «لَا لِنَفْيِ يَفْعَلُ وَلَنْ لِنَفْيِ سَيَفْعَلُ» وَكَمَا أَنَّ قَوْلَكَ سَيَقُومُ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ الْآنَ غَيْرُ قَائِمٍ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَفَرُوا حِينَ قَوْلِهِمْ هَذَا وَلَكِنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى عَجْرَفَتِهِمْ وَقِلَّةِ اكْتِرَاثِهِمْ بِمَا أُوتُوا مِنَ النِّعَمِ وَمَا شَاهَدُوا مِنَ الْمُعْجِزَاتِ حَتَّى رَامُوا أَنْ يَرَوُا اللَّهَ جَهْرَةً وَإِنْ لَمْ يَرَوْهُ دَخَلَهُمُ الشَّكُّ فِي صِدْقِ مُوسَى وَهَذَا كَقَوْلِ الْقَائِلِ إِنْ كَانَ كَذَا فَأَنَا كَافِرٌ. وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي غَيْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ عَنْ كُفْرٍ.
وَإِنَّمَا عَدَّى نُؤْمِنَ بِاللَّامِ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى الْإِقْرَارِ بِاللَّهِ وَلَنْ نُقِرَّ لَكَ بِالصِّدْقِ وَالَّذِي دَلَّ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ هُوَ اللَّامُ وَهِيَ طَرِيقَةُ التَّضْمِينِ.

[1] انْظُر سفر التَّثْنِيَة الإصحاح 5.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 506
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست