responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 514
ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ:
فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً يُشِيرُ إِلَى الثِّمَارِ الْكَثِيرَةِ هُنَاكَ. وَقَوْلُهُ: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ يَتَعَيَّنُ أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى مَا أَشَاعَهُ الْجَوَاسِيسُ الْعَشَرَةُ مِنْ مَذَمَّةِ الْأَرْضِ وَصُعُوبَتِهَا وَأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا مِثْلَ مَا قَالَ مُوسَى حَيْثُ اسْتَنْصَتَ الشَّعْبُ بِلِسَانِ كَالَبِ بْنِ بَفْنَةَ وَيُوشَعَ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [162] فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا أَيْ مِنَ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمُ ادْخُلُوا الْقَرْيَةَ وَأَنَّ الرِّجْزَ الَّذِي أَصَابَ الَّذِينَ ظَلَمُوا هُوَ الْوَبَاءُ الَّذِي أَصَابَ الْعَشَرَةَ الْجَوَاسِيسَ، وَيَنْتَظِمُ ذَلِكَ أَيْضًا مَعَ قَوْلِهِ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ [21، 22] وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ قالُوا يَا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ إِلَخْ وَقَوْلِهِ: قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ [الْمَائِدَة: 23] فَإِنَّ الْبَابَ يُنَاسِبُ الْقَرْيَةَ. وَقَوْلُهُ: قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ [الْمَائِدَة:
26] . فَهَذَا هُوَ التَّفْسِيرُ الصَّحِيحُ الْمُنْطَبِقُ عَلَى التَّارِيخِ الصَّرِيحِ.
فَقَوْلُهُ: وَإِذْ قُلْنَا أَيْ عَلَى لِسَانِ مُوسَى فَبَلَّغَهُ لِلْقَوْمِ بِوَاسِطَةِ اسْتِنْصَاتِ كَالِبِ بْنِ بَفْنَةَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُوَافِقُ مَا فِي سُورَةِ الْعُقُودِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ. وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَوْلُهُ: ادْخُلُوا إِمَّا أَمْرٌ بِدُخُولِ قَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْهُمْ وَهِيَ «حَبْرُونُ» لِتَكُونَ مَرْكَزًا أَوَّلًا لَهُمْ، وَالْأَمْرُ بِالدُّخُولِ أَمْرٌ بِمَا يَتَوَقَّفُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ أَعْنِي الْقِتَالَ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَةُ الْمَائِدَةِ إِذْ قَالَ: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ إِلَى قَوْلِهِ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَإِنَّ الِارْتِدَادَ عَلَى الْأَدْبَارِ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُتَعَارَفَةِ فِي الْحُرُوبِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ [الْأَنْفَال: 15] . وَلَعَلَّ فِي الْإِشَارَةِ بِكَلِمَةِ هذِهِ الْمُفِيدَةِ لِلْقُرْبِ مَا يُرَجِّحُ أَنَّ الْقَرْيَةَ هِيَ حَبْرُونُ الَّتِي طَلَعَ إِلَيْهَا جَوَاسِيسُهُمْ.
وَالْقَرْيَةُ- بِفَتْحِ الْقَافِ لَا غَيْرَ عَلَى الْأَصَحِّ- الْبَلْدَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْمَسَاكِنِ الْمَبْنِيَّةِ مِنْ
حِجَارَةٍ وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْقَرْيِ- بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَبِالْيَاءِ- وَهُوَ الْجَمْعُ يُقَالُ: قَرَى الشَّيْءَ يَقْرِيهِ إِذَا جَمَعَهُ وَهِيَ تُطْلَقُ عَلَى الْبَلْدَةِ الصَّغِيرَةِ وَعَلَى الْمَدِينَةِ الْكَبِيرَةِ ذَاتِ الْأَسْوَارِ وَالْأَبْوَابِ كَمَا أُرِيدَ بِهَا هُنَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً. وَجَمْعُ الْقَرْيَةِ قُرًى بِضَمِّ الْقَافِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لِأَنَّ قِيَاسَ فُعَلٍ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا لِفِعْلَةٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ مِثْلَ كِسْوَةٍ وَكُسَى وَقِيَاسُ جَمْعِ قَرْيَةٍ أَنْ يَكُونَ عَلَى قِرَاءٍ بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِالْمَدِّ كَمَا قَالُوا: رَكْوَةٌ وَرِكَاءٌ وَشَكْوَةٌ وَشِكَاءٌ.
وَقَوْلُهُ: وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً مُرَادٌ بِهِ بَابُ الْقَرْيَةِ لِأَنَّ الْ مُتَعَيِّنَةٌ لِلْعِوَضِيَّةِ عَنِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 514
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست