responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 519
آخَرَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ مَا بَعْدَ الْفَاءِ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ السَّكَّاكِيِّ فِيهَا وَهِيَ الْمُثْلَى. وَقيل: إِنَّهَا الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مَحْذُوفٍ قَبْلَهَا فَإِنْ كَانَ شَرْطًا فَالْفَاءُ فَاءُ الْجَوَابِ وَإِنْ كَانَ مُفْرَدًا فَالْفَاءُ عَاطِفَةٌ وَيَشْمَلُهَا اسْمُ فَاءِ الْفَصِيحَةِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فَتَسْمِيَتُهَا بِالْفَصِيحَةِ لِأَنَّهَا أَفْصَحَتْ عَنْ مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ فِي مِثْلِ هَذَا فَضَرَبَ فَانْفَجَرَتْ وَفِي مِثْلِ قَوْلِ عَبَّاسِ بن الْأَحْنَفِ:
قَالُوا خُرَاسَانُ أَقْصَى مَا يُرَادُ بِنَا ... ثُمَّ الْقُفُولُ فَقَدْ جِئْنَا خُرَاسَانَا
أَيْ إِنْ كَانَ الْقُفُولُ بَعْدَ الْوُصُولِ إِلَى خُرَاسَانَ فَقَدْ جِئْنَا خُرَاسَانَ أَيْ فَلْنَقْفِلْ فَقَدْ جِئْنَا.
وَعِنْدِي أَنَّ الْفَاءَ لَا تُعَدُّ فَاءً فَصِيحَةً إِلَّا إِذَا لَمْ يَسْتَقِمْ عَطْفُ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا فَإِذَا اسْتَقَامَ فَهِيَ الْفَاءُ الْعَاطِفَةُ وَالْحَذْفُ إِيجَازٌ وَتَقْدِيرُ الْمَحْذُوفِ لِبَيَانِ الْمَعْنَى وَذَلِكَ لِأَنَّ الِانْفِجَارَ مُتَرَتِّبٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى لِمُوسَى: اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ لِظُهُورِ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ مِمَّنْ يُشَكُّ فِي امْتِثَالِهِ بَلْ وَلِظُهُورِ أَنَّ كُلَّ سَائِلٍ أَمْرًا إِذَا قِيلَ لَهُ افْعَلْ كَذَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مَا أُمِرَ بِهِ هُوَ الَّذِي فِيهِ جَوَابُهُ كَمَا يَقُولُ لَكَ التِّلْمِيذُ مَا حُكْمُ كَذَا؟ فَتَقُولُ افْتَحْ كِتَابَ «الرِّسَالَةِ» فِي بَابِ كَذَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى الْآتِي: اهْبِطُوا مِصْراً [الْبَقَرَة: 61] وَأَمَّا تَقْدِيرُ الشَّرْطِ هُنَا أَيْ فَإِنْ ضَرَبْتَ فَقَدِ انْفَجَرَتْ إِلَخْ فَغَيْرُ بَيِّنٍ، وَمِنَ الْعَجَبِ ذِكْرُهُ فِي «الْكَشَّافِ» .
وَقَوْلُهُ: قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ قَالَ الْعُكْبَرِيُّ وَأَبُو حَيَّانَ: إِنَّهُ اسْتِئْنَافٌ، وَهُمَا يُرِيدَانِ الِاسْتِئْنَافَ الْبَيَانِيَّ وَلِذَلِكَ فَصَلَ، كَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَ عَنْ سَبَبِ انْقِسَامِ الِانْفِجَارِ إِلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ عَيْنًا فَقِيلَ قَدْ عَلِمَ كُلُّ سِبْطٍ مَشْرَبَهُمْ، وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهُ حَالٌ جُرِّدَتْ عَنِ الْوَاوِ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِمَنْ يَعْقِلُونَ الْقِصَّةَ فَلَا مَعْنًى لِتَقْدِيرِ سُؤَالٍ. وَالْمُرَادُ بِالْأُنَاسِ كُلُّ نَاسٍ سِبْطٍ مِنَ الْأَسْبَاطِ.
وَقَوْلُهُ: كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ. وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ عَلَى السَّقْيِ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَهُ إِنْزَالُ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى، وَقِيلَ هُنَالِكَ:
كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ [الْبَقَرَة: 57] فَلَمَّا شَفَعَ ذَلِكَ بِالْمَاءِ اجْتَمَعَ الْمِنَّتَانِ.
وَقَوْلُهُ: وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ مِنْ جُمْلَةِ مَا قِيلَ لَهُمْ وَوَجْهُ النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّ النِّعْمَةَ قَدْ تُنْسِي الْعَبْدَ حَاجَتَهُ إِلَى الْخَالِقِ فَيَهْجُرُ الشَّرِيعَةَ فَيَقَعُ فِي الْفَسَادِ قَالَ تَعَالَى: كَلَّا
إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى
[العلق: 6، 7] .
وَلا تَعْثَوْا مُضَارِعُ عَثِيَ كَرَضِيَ، وَهَذِهِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَهِيَُُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 519
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست