responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 524
سَواءَ السَّبِيلِ [الْبَقَرَة: 108] وَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ، وَقَدْ يُجَرُّ الْمَعْمُول الثَّانِي بِمن الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى بَاءِ الْبَدَلِيَّةِ كَقَوْلِ أَبِي الشِّيصِ:
بُدِّلْتُ مِنْ مُرْدِ الشَّبَابِ مُلَاءَةً ... خَلَقًا وَبِئْسَ مَثُوبَةُ الْمُقْتَاضِ
وَقَدْ يُعْدَلُ عَنْ تَعْدِيَةِ الْفِعْلِ إِلَى الشَّيْءِ الْمُعَوَّضِ وَيُعَدَّى إِلَى آخِذِ الْعِوَضِ فَيَصِيرُ مِنْ بَابِ أَعْطَى فَيَنْصِبُ مَفْعُولَيْنِ وَيُنَبِّهُ عَلَى الْمَتْرُوكِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ مِنْ كَذَا، وَبَعْدَ كَذَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً [النُّور: 55] التَّقْدِيرُ لِيُبَدِّلَنَّ خَوْفَهُمْ أَمْنًا هَذَا تَحْرِيرُ طَرِيقِ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ.
وَوَقَعَ فِي «الْكَشَّافِ» عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ فِعْلَ بَدَّلَ لَهُ اسْتِعْمَالٌ غَيْرَ اسْتِعْمَالِ فِعْلِ اسْتَبْدَلَ وَتَبَدَّلَ بِأَنَّهُ إِذَا عُدِّيَ إِلَى الْمَعْمُولِ الثَّانِي بِالْبَاءِ كَانَ مَدْخُولُ الْبَاءِ هُوَ الْمَأْخُوذَ وَكَانَ الْمَنْصُوبُ هُوَ الْمَتْرُوكَ وَالْمُعْطِيَ فَقَرَّرَهُ الْقُطْبُ فِي «شَرْحِهِ» بِمَا ظَاهِرُهُ أَنَّ بَدَّلَ لَا يَكُونُ فِي مَعْنَى تَعْدِيَتِهِ إِلَّا مُخَالِفًا لِتَبَدَّلَ واستبدل، وَقَررهُ التفتازانيّ بِأَنَّ فِيهِ اسْتِعْمَالَيْنِ إِذَا تَعَدَّى إِلَى الْمَعْمُولِ الثَّانِي بِالْبَاءِ أَحَدُهُمَا يُوَافِقُ اسْتِعْمَالَ تَبَدَّلَ وَالْآخَرُ بِعَكْسِهِ، وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَدَّلَ وَتَبَدَّلَ وَاسْتَبْدَلَ وَأَنَّ كَلَامَ «الْكَشَّافِ» مُشْكِلٌ وَحَسْبُكَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَلَا فِي كَلَامِهِ نَفْسِهِ فِي كِتَابِ «الْأَسَاسِ» .
فَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ: اهْبِطُوا لِلْإِبَاحَةِ الْمَشُوبَةِ بِالتَّوْبِيخِ أَيْ إِنْ كَانَ هَذَا هَمَّكُمْ فَاهْبِطُوا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ فَالْمَعْنَى اهْبِطُوا مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ يَعْنِي وَفِيهِ إِعْرَاضٌ عَنْ طَلَبِهِمْ إِذْ لَيْسَ حَوْلَهُمْ يَوْمَئِذٍ بَلَدٌ قَرِيبٌ يَسْتَطِيعُونَ وُصُولَهُ.
وَقِيلَ: أَرَادَ اهْبِطُوا مِصْرَ أَيْ بَلَدَ مِصْرَ بَلَدَ الْقِبْطِ أَيِ ارْجِعُوا إِلَى مِصْرَ الَّتِي خَرَجْتُمْ مِنْهَا
وَالْأَمْرُ لِمُجَرَّدِ التَّوْبِيخِ إِذْ لَا يُمْكِنُهُمُ الرُّجُوعُ إِلَى مِصْرَ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِصْرَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى يَجُوزُ مَنْعُهُ مِنَ الصَّرْفِ عَلَى تَأْوِيلِهِ بِالْبُقْعَةِ فَيَكُونُ فِيهِ الْعَلَمِيَّةُ وَالتَّأْنِيثُ، وَيَجُوزُ صَرْفُهُ عَلَى تَأْوِيلِهِ بِالْمَكَانِ أَوْ لِأَنَّهُ مُؤَنَّثٌ ثُلَاثِيٌّ سَاكِنُ الْوَسَطِ مِثْلَ هِنْدٍ فَهُوَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِدُونِ تَنْوِينٍ وَأَنَّهُ فِي مُصْحَفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِدُونِ أَلِفٍ وَأَنَّهُ ثَبَتَ بِدُونِ أَلِفٍ فِي بَعْضِ مَصَاحِفِ عُثْمَانَ قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ، وَذَكَرَ أَنَّ أَشْهَبَ قَالَ قَالَ لِي مَالِكٌ: هِيَ عِنْدِي مِصْرُ قَرْيَتُكَ مسكن فِرْعَوْن اهـ. وَيَكُونُ قَوْلُ مُوسَى لَهُمُ: اهْبِطُوا مِصْراً أَمْرًا قُصِدَ مِنْهُ التَّهْدِيدُ عَلَى تَذَكُّرِهِمْ أَيَّامَ ذُلِّهِمْ وَعَنَائِهِمْ وَتَمَنِّيهِمُ الرُّجُوعَ لِتِلْكَ الْمَعِيشَةِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُمُ ارْجِعُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ فِيهِ إِذْ لَمْ تَقْدِرُواُُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 524
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست