responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 535
وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَى بِعْثَةِ الرُّسُلِ وَأَنَّهُمْ يُعَلِّلُونَ ذَلِكَ بِأَنَّ مُدَّعِيَ الرِّسَالَةِ مِنَ الْبَشَرِ فَلَا يُمْكِنُ لَهُمْ أَنْ يَكُونُوا وَاسِطَةً بَيْنَ النَّاسِ وَالْخَالِقِ. وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَنْقُلُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ عَلَى دِينِ نُوحٍ. وَهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الْمُعَلِّمِينَ الْأَوَّلِينَ لِدِينِ الصابئة هما أغاثاديمون وَهُرْمُسَ وَهُمَا شِيثُ بْنُ آدَمَ وَإِدْرِيسُ، وَهُمْ يَأْخُذُونَ مِنْ كَلَامِ الْحُكَمَاءِ مَا فِيهِ عَوْنٌ عَلَى الْكَمَالِ فَلِذَلِكَ يَكْثُرُ فِي كَلَامِهِمُ الْمُمَاثَلَةُ لِأَقْوَالِ حُكَمَاءِ الْيُونَانِ وَخَاصَّةً سُولُونُ وَأَفْلَاطُونُ وَأَرِسْطَاطَالِيسُ، وَلَا يَبْعُدُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ أُولَئِكَ الْحُكَمَاءُ اقْتَبَسُوا بَعْضَ الْآرَاءِ مِنْ قُدَمَاءِ الصَّابِئَةِ فِي الْعِرَاقِ فَإِنَّ ثَمَّةَ تَشَابُهًا بَيْنَهُمْ فِي عِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ وَجَعْلِهَا آلِهَةً وَفِي إِثْبَات إلاه الْآلِهَةِ.
وَقَدْ بَنَوْا هَيَاكِلَ لِلْكَوَاكِبِ لِتَكُونَ مَهَابِطَ لِأَرْوَاحِ الْكَوَاكِبِ وَحَرَصُوا عَلَى تَطْهِيرِهَا وَتَطْيِيبِهَا لِكَيْ تَأْلَفَهَا الرُّوحَانِيَّاتُ وَقَدْ يَجْعَلُونَ لِلْكَوَاكِبِ تَمَاثِيلَ مِنَ الصُّوَرِ يَتَوَخَّوْنَ فِيهَا مُحَاكَاةَ صُوَرِ الرُّوحَانِيَّاتِ بِحَسَبِ ظَنِّهِمْ.
وَمِنْ دِينِهِمْ صَلَوَاتٌ ثَلَاثٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَقِبْلَتُهُمْ نَحْوَ مَهَبِّ رِيحِ الشَّمَالِ وَيَتَطَهَّرُونَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَقِرَاءَاتُهُمْ وَدَعَوَاتُهُمْ تُسَمَّى الزَّمْزَمَةَ بِزَايَيْنِ كَمَا وَرَدَ فِي تَرْجَمَةِ أبي إِسْحَاق الصابىء. وَلَهُمْ صِيَامُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فِي السَّنَةِ، مُوَزَّعَةً عَلَى ثَلَاثَةِ مَوَاقِيتَ مِنَ الْعَامِ. وَيَجِبُ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَغُسْلُ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ. وَتَحْرُمُ الْعُزُوبَةُ، وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ تَزَوُّجُ مَا شَاءَ مِنَ النِّسَاءِ وَلَا يَتَزَوَّجُ إِلَّا امْرَأَةً صَابِئَةً عَلَى دِينِهِ فَإِذَا تَزَوَّجَ غَيْرَ صَابِئَةٍ أَوْ تَزَوَّجَتِ الصابئة غير صابىء خَرَجَا مِنَ الدِّينِ وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُمَا تَوْبَةٌ. وَيُغَسِّلُونَ مَوْتَاهُمْ وَيُكَفِّنُونَهُمْ وَيَدْفِنُونَهُمْ فِي الْأَرْضِ. وَلَهُمْ رَئِيسٌ لِلدِّينِ يُسَمُّونَهُ الْكِمْرَ- بِكَافٍ وَمِيمٍ وَرَاءٍ-.
وَقَدِ اشْتُهِرَ هَذَا الدِّينُ فِي حَرَّانَ مِنْ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ، وَلِذَلِكَ تُعْرَفُ الصَّابِئَةُ فِي كُتُبِ الْعَقَائِدِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِالْحَرْنَانِيَّةِ (بِنُونَيْنِ نِسْبَةً إِلَى حَرَّانَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَمَا فِي «الْقَامُوسِ» ) .
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ «الْفِصَلِ» : كَانَ الَّذِي يَنْتَحِلُهُ الصَّابِئُونَ أَقْدَمَ الْأَدْيَانِ عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ وَالْغَالِبَ عَلَى الدُّنْيَا إِلَى أَنْ أَحْدَثُوا فِيهِ الْحَوَادِثَ فَبَعَثَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْحَنِيفِيَّةِ اهـ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 535
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست