responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 550
أَوْ حَالًا كَقَوْلِ الشَّاعِرِ وَهُوَ مِنْ شَوَاهِدِ النَّحْوِ:
قَهَرْتَ الْعِدَا لَا مُسْتَعِينًا بِعُصْبَةٍ ... وَلَكِنْ بِأَنْوَاعِ الْخَدَائِعِ وَالْمَكْرِ (1)
أَوْ مُضَافًا كَقَوْلِ النَّابِغَة:
وشيمة لاوان لَا وَاهِنِ الْقُوَى ... وَجَدٍّ إِذَا خَابَ الْمُفِيدُونَ صَاعِدِ
أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ قَوْلُ الْأُولَى: «لَا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى، وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَلُ» عَلَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ- أَيْ هُوَ أَيِ الزَّوْجُ- لَا سَهْلٌ وَلَا سَمِينٌ. وَجُمْهُورُ النُّحَاةِ أَنَّ لَا هَذِهِ يَجِبُ تَكْرِيرُهَا فِي الْخَبَرِ وَالنَّعْتِ وَالْحَالِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ وَنَحْوُهُ شَيْئَيْنِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ إِدْخَالُ (لَا) فِي الْخَبَرِ وَنَحْوِهِ وَجَعَلُوا بَيْتَ جُوَيْرِيَةَ أَوْ حُوَيْرِثَةَ ضَرُورَةً وَخَالَفَ فِيهِ الْمُبَرِّدُ. وَلَيْسَتْ (لَا) فِي مِثْلِ هَذَا بِعَامِلَةٍ عَمَلَ لَيْسَ وَلَا عَمَلَ إِنَّ، وَذِكْرُ النُّحَاةِ لِهَذَا الِاسْتِعْمَالِ فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْبَابَيْنِ لِمُجَرَّدِ الْمُنَاسَبَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ نَفْيَ وَصْفَيْنِ بِحَرْفِ (لَا) قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي إِفَادَةِ إِثْبَاتِ وَصْفٍ ثَالِثٍ هُوَ وَسَطٌ بَيْنِ حَالَيْ ذَيْنَكَ الْوَصْفَيْنِ مِثْلَ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ وَمِثْلَ قَوْلِهِ
تَعَالَى: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لَا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ [النِّسَاء: 143] وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي إِرَادَةِ مُجَرَّدِ نَفْيِ ذَيْنَكَ الْوَصْفَيْنِ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يُطْلَبُ فِي الْغَرَضِ الْوَارِدَيْنِ فِيهِ وَلَا يُقْصَدُ إِثْبَاتُ وَصْفٍ آخَرَ وَسَطٍ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْغَالِبُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لَا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ [الْوَاقِعَة: 42- 44] .
وَالْفَارِضُ الْمُسِنَّةُ لِأَنَّهَا فَرَضَتْ سِنَّهَا أَيْ قَطَعَتْهَا، وَالْفَرْضُ الْقَطْعُ وَيُقَالُ لِلْقَدِيمِ فَارِضٌ. وَالْبِكْرُ الْفَتِيَّةُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْبُكْرَةِ بِالضَّمِّ وَهِيَ أَوَّلُ النَّهَارِ لِأَنَّ الْبِكْرَ فِي أَوَّلِ السَّنَوَاتِ عُمُرِهَا وَالْعَوَانَ هِيَ الْمُتَوَسِّطَةُ السِّنِّ.
وَإِنَّمَا اخْتِيرَتْ لَهُمُ الْعَوَانُ لِأَنَّهَا أَنْفَسُ وَأَقْوَى وَلِذَلِكَ جُعِلَتِ الْعَوَانُ مَثَلًا لِلشِّدَّةِ فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ:
وَمَنْ يَتَرَبَّصِ الْحَدَثَانِ تَنْزِلِ ... بِمَوْلَاهُ عَوَانٌ غَيْرُ بِكْرِ
أَيْ مُصِيبَةٌ عَوَانٌ أَيْ عَظِيمَةٌ. وَوَصَفُوا الْحَرْبَ الشَّدِيدَةَ فَقَالُوا: حَرْبٌ عَوَانٌ.
وَقَوْلُهُ: بَيْنَ ذلِكَ أَي بَين هَذَيْنِ السِّنَّيْنِ، فَالْإِشَارَةُ لِلْمَذْكُورِ الْمُتَعَدِّدِ.

(1) بِفَتْح التَّاء للخطاب.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 550
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست