responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 656
وَوَزْنُهَا فِعَلَةٌ بِتَحْرِيكِ الْعَيْنِ عِنْدَ الْخَلِيلِ وَعَيْنُهَا يَاءٌ أَوْ وَاوٌ قُلِبَتْ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا آيِيُّ أَوْ آوِيُّ. ثُمَّ أُطْلِقَتِ الْآيَةُ عَلَى الْمُعْجِزَةِ لِأَنَّهَا دَلِيلُ صِدْقِ الرَّسُولِ قَالَ تَعَالَى: وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً [الْإِسْرَاء: 59] . وَتُطْلَقُ الْآيَةُ عَلَى الْقِطْعَةِ مِنَ الْقُرْآنِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ مَوْعِظَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ إِطْلَاقٌ قُرْآنِيٌّ قَالَ تَعَالَى:
وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [النَّحْل: 101] وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ مِنْ مَعَانِي الْآيَةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْأَمَارَةَ الَّتِي يُعْطِيهَا الْمُرْسَلُ لِلرَّسُولِ لِيُصَدِّقَهُ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ وَكَانُوا إِذَا أَرْسَلُوا وِصَايَةً أَوْ خَبَرًا مَعَ رَسُولٍ أَرْفَقُوهُ بِأَمَارَةٍ يُسَمُّونَهَا آيَةً لَا سِيَّمَا الْأَسِيرُ إِذَا أُرْسِلَ إِلَى قَوْمِهِ بِرِسَالَةٍ كَمَا فَعَلَ نَاشِبٌ الْأَعْوَرُ حِينَ كَانَ أَسِيرًا فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ بِلْعَنْبَرَ رِسَالَةً وَأَرَادَ تَحْذِيرَهُمْ بِمَا يُبَيِّتُهُ لَهُمْ أَعْدَاؤُهُمُ الَّذِينَ أَسَرُوهُ فَقَالَ لِلرَّسُولِ: قُلْ لَهُمْ كَذَا بِآيَةِ مَا أَكَلْتُ مَعَكُمْ حَيْسًا. وَقَالَ سُحَيْمٌ الْعَبْدُ:
أَلِكْنِي إِلَيْهَا عَمْرَكَ اللَّهَ يَا فَتًى ... بِآيَةِ مَا جَاءَتْ إِلَيْنَا تَهَادِيَا
وَلِذَا أَيْضًا سَمَّوُا الرِّسَالَةَ آيَةً تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِاسْمِ مُجَاوِرِهِ عُرْفًا.
وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ هَنَا حُكْمُ الْآيَةِ سَوَاءٌ أُزِيلَ لَفْظُهَا أَمْ أُبْقِيَ لَفْظُهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ حِكْمَةِ إِبْطَالِ الْأَحْكَامِ لَا إِزَالَةُ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ.
وَالنَّسْخُ إِزَالَةُ الشَّيْءِ بِشَيْءٍ آخَرَ قَالَهُ الرَّاغِبُ، فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إِزَالَةِ صُورَةٍ أَوْ ذَاتٍ وَإِثْبَاتِ غَيْرِهَا عِوَضَهَا تَقُولُ نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ لِأَنَّ شُعَاعَهَا أَزَالَ الظِّلَّ وَخَلَفَهُ فِي مَوْضِعِهِ وَنَسَخَ الظِّلُّ الشَّمْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ خَيَالَ الْجِسْمِ الَّذِي حَالَ بَيْنَ الْجِسْمِ الْمُسْتَنِيرِ وَبَيْنَ شُعَاعِ الشَّمْسِ الَّذِي أَنَارَهُ قَدْ خَلَفَ الشُّعَاعَ فِي مَوْضِعِهِ وَيُقَالُ نَسَخْتُ مَا فِي الْخَلِيَّةِ مِنَ النَّحْلِ وَالْعَسَلِ إِلَى خَلِيَّةٍ أُخْرَى، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْإِزَالَةِ فَقَطْ دُونَ تَعْوِيضٍ كَقَوْلِهِمْ نَسَخَتِ الرِّيحُ الْأَثَرَ وَعَلَى الْإِثْبَاتِ لَكِنْ عَلَى إِثْبَاتٍ خَاصٍّ وَهُوَ إِثْبَاتُ الْمُزِيلِ، وَأَمَّا أَنْ يُطْلَقَ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِثْبَاتِ فَلَا أَحْسَبُهُ صَحِيحًا فِي اللُّغَةِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّاغِبِ وَجُعِلَ مِنْهُ قَوْلُهُمْ نَسَخْتُ الْكِتَابَ إِذَا خَطَطْتَ أَمْثَالَ حُرُوفِهِ فِي صَحِيفَتِكَ إِذْ وَجَدُوهُ إِثْبَاتًا مَحْضًا لَكِنَّ هَذَا تَوَهَّمٌ لِأَنَّ إِطْلَاقَ النَّسْخِ عَلَى مُحَاكَاةِ حُرُوفِ الْكِتَابِ إِطْلَاقٌ مَجَازِيٌّ بِالصُّورَةِ أَو تمثيلية بتشبيه الْحَالَةِ بِحَالَةِ مَنْ يُزِيلُ الْحُرُوفَ مِنَ الْكِتَابِ الْأَصْلِيِّ إِلَى الْكِتَابِ الْمُنْتَسَخِ ثُمَّ جَاءَتْ مِنْ ذَلِكَ النُّسْخَةُ قَالَ تَعَالَى: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية: 29] وَقَالَ: وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ [الْأَعْرَاف: 154] وَأَمَّا قَوْلُهُمُُْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 656
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست