نام کتاب : التفسير البياني للقرآن الكريم نویسنده : بنت الشاطئ، عائشة جلد : 1 صفحه : 139
وإذا فسرنا الرد في الحافرة، بأنه البعث للقيامة، فالكرة في آية النازعات بمقتضى اسم الإشارة، هي تلك العودة والرجعة إلى الحياة بعد موت.
والخسارة نقيض الربح، ويكثر استعمال الخسر في النقص والهلاك والضياع. وكرة الكرة خاسرة، مطرد مع النسق البياني الذي أشرنا إليه في الحافرة والراجفة والرادفة. وقد ذهب بعض المفسرين إلى تعيين الخاسرين هنا بأنهم صناديد قريش الذين كذبوا بالآخرة، و {قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} على وجه الاستهزاء.
وقد مضى القول في استبعاد الاستهزاء في موقف القيامة ورجفت البعث. ويمنعه أيضاً أن الأستفهام في الآيتين السايقتين جاء مع فعل المضارعة {يَقُولُونَ} الذي يعني الإحضار. أما الكرة الخاسرة فجاءت مع الفعل ماضياً {قَالُوا} وأتدبر هذا الانتقال من المضارعة إلى المضي، فأراه يهدي إلى بيان وجه المقول وتحديد الجو الذي قيلت فيه كل منهما، والدلالة على الحالة النفسية للقائلين في كل من الموقفين: بغتتهم رجفة القيامة، بما تبعها من هزة ووجيف وخشوع، فهم يقولون في ذهشة المأخوذ من فوجئ بما لم يكن في حسابه قط: لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ؟ أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً؟ ولم يكن الموقف بحيث يحتاج إلى إجابتهم عما سألوا عنه، وقد قضى الأمر وصار كل هذا الذي كذبوا به وأستبعدوه واقعاً مشهوداً. فلما عاينوا اليقين {قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} في حسرة وندم ويأس.
وفي كلمة {قَالُوا} من سر البيان، أنها تأتي حيث يبدو في ظاهر الأمر إمكان الإستغناء عنها بـ: يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً؟ تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ. ومجيئها هو الذي يوجه إلى أنتقالهم من حال إلى حال.
فهم في أخذه الرجفة يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ؟ والمضارعة هنا هي التي تلائم حيرة المأخوذ وعجب المستغرب. كما أن المضى في {قَالُوا} بعد أن أتاهم اليقين، هو الملائم لحالة اليأس من استرجاع ما فات أو استدراك ما مضى والتيقن من الخسران المحقق والمصير المحتوم.....
هذا مما يوجه إليه {يَقُولُونَ} في صدر الآيتين الأوليين، عند رحفة القيامة ثم المغايرة بـ {قَالُوا} حين تحقق الخسران وقضى الأمر فلا سبيل إلى أسترجاع ما فات
نام کتاب : التفسير البياني للقرآن الكريم نویسنده : بنت الشاطئ، عائشة جلد : 1 صفحه : 139