نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : طنطاوي، محمد سيد جلد : 1 صفحه : 434
قال بعضهم: وإيقاع اسم الجمع على الواحد جائز إذا كان رئيسا يقتدى به كما في قوله- تعالى-: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ يعنى «نعيم بن مسعود» .
والذي نراه أن القول الثاني أولى بالقبول، لأن المغزى الذي تهدف إليه الآية في معناها الخاص والعام هو دعوة الناس جميعا إلى التجمع في مكان واحد ليشعروا بالإخاء والمساواة عند أدائهم لفريضة الحج بدون تفرقة بين كبير وصغير، وغنى وفقير، وقرشي وغير قرشي، ويدخل في النهى دخولا أوليا تلك الحالة التي كانت عليها قريش. وقد قال العلماء: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
و «ثم» للتفاوت المعنوي بين الإفاضتين- أى الإفاضة من عرفات والإفاضة من مزدلفة- لبيان البعد بينهما، إذ أن إحداهما صواب والأخرى خطأ.
أى: لا تفيضوا من المزدلفة لأنه خطأ جسيم، واجعلوا إفاضتكم من عرفات لأن هذا العمل هو الصواب الذي يحبه الله ويرضاه.
وقوله: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ معطوف على أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ أى: استغفروا الله من ذنوبكم ومما سلف منكم من أخطاء فإن المؤمن كلما قويت روحه، وصفت نفسه أحس بأنه مقصر أمام نعم خالقه التي لا تحصى. ومن أكثر من التوبة والاستغفار غفر الله له ما فرط منه، لأنه- سبحانه- كثير الغفران، واسع الرحمة.
ثم بين- سبحانه- ما يجب عليهم عمله بعد فراغهم من أعمال الحج فقال- تعالى-:
فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً.
المناسك: جمع منسك مشتق من نسك نسكا من باب نصر إذا تعبد. والمراد هنا العبادات التي تتعلق بالحج.
قال ابن كثير: عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم- بين مسجد منى وبين الجبل بعد فراغهم من الحج يذكرون فضائل آبائهم- فيقول الرجل منهم. كان أبى يطعم الطعام ويحمل الديات ... ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم فأنزل الله- تعالى- على نبيه صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية» [1] .
والمعنى: فإذا فرغتم من عباداتكم، وأديتم أعمال حجكم، فتوفروا على ذكر الله وطاعته كما كنتم تتوفرون على ذكر مفاخر آبائكم، بل عليكم أن تجعلوا ذكركم لله- تعالى- أشد وأكثر من ذكركم لمآثر آبائكم، لأن ذكر مفاخر الآباء إن كان كذبا أدى إلى الخزي في الدنيا والعقوبة [1] تفسير ابن كثير ج 1 ص 243 بتصرف يسير.
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : طنطاوي، محمد سيد جلد : 1 صفحه : 434