يفسرون القرآن لتلامذتهم من التابعين[1]، فنشروا ما علموه بحكمة وصيانة مع التحري والتدقيق.
وهذا اللون من التفسير هو المسمى بالتفسير بالمأثور، فهو إذاً تفسير القرآن بالقرآن، وبما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين بما يتعلق بتفسير القرآن الكريم. وقد دونّ العلماء الذين جاءوا في عصر التابعين ومن بعدهم تلك التفاسير في مصنفاتهم، منهم من أفردها بالتصنيف، ومنهم من جمعها مع السنة[2]. [1] وقد كان من بينهم من تلقى جميع التفسير عن الصحابة، فقد أخرج الطبري في مقدمة التفسير رقم108 من طريق محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد قال: "عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها".
وأخرج رقم107 عن أبي كريب، حدثنا طلق بن غنام، عن عثمان المكي، عن ابن أبي مليكة قال: "رأيت مجاهداً يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، فيقول له ابن عباس "اكتب" قال: حتى سأله عن التفسير كله ". وانظر: مقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية ص35-38. [2] قال ابن أبي حاتم الرازي: فإن قيل كيف السبيل إلى معرفة ما ذكرت من معاني كتاب الله عز وجل ومعالم دينه؟ قيل: بالآثار الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه النجباء الألباء الذين شهدوا التنزيل وعرفوا التأويل، رضي الله تعالى عنهم. مقدمة الجرح والتعديل ص2. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن قال قائل: فما أحسن طريق التفسير؟ فالجواب: إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أُجمل في مكان فإنه قد فُسِّر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة؛ فإنها شارحة للقرآن وموضحة له ... إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعت في ذلك إلى أقوال الصحابة؛ فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوه من القرآن، والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح لاسيما علماؤهم وأكبراؤهم ... إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين. انظر: مقدمة في أصول =