نام کتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية نویسنده : النخجواني، نعمة الله جلد : 1 صفحه : 266
سبحانه انا عند ظن عبدى بي. وأعلى المراتب وابهاها مرتبة النبوة والرسالة مع تفاوت طبقاتها ثم الأمثل ثم لما انبسط موسى مع ربه وانكشف له من ربه ما انكشف بحيث سمع كلامه من جميع الجوانب والجهات بلا وسيلة آلة وواسطة من ملك وغيرها وبلا تلفظ كلمة حاصلة من تراكيب الحروف الحاصلة من تقطيع الأصوات قد اضطرب حينئذ موسى ووله وارتعد ومن غاية ولهه وسكره تسارع الى انكشاف اجلى منه واكشف حيث قالَ بعد سماع كلام الحق لا على الوجه المتعارف المعهود وانجذابه نحوه انجذابا لا على الوجه المعتاد رَبِّ يا رب أَرِنِي ذاتك التي قد تنزهت عن المقابلة والمحاذاة والمماثلة والمحاكات كما أسمعتني كلامك المنزه عن ترتيب الكلمات وتقاطع الحروف والأصوات أَنْظُرْ إِلَيْكَ ببصرى كما سمعت كلامك بسمعي قالَ سبحانه لَنْ تَرانِي يا موسى ما دمت في جلباب تعينك وغشاوة هويتك وَلكِنِ ان أردت ان تعرف استعدادك لرؤيتى انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ حين تجليت عليها بهويتى المسقطة للهويات مطلقا فَإِنِ اسْتَقَرَّ وثبت عندك انه تمكن مَكانَهُ بعد ما اتجلى عليه بذاتى اى بقي هو على هويته التي هو فيها قبل التجلي فَسَوْفَ تَرانِي اى فيمكن لك حينئذ ان تراني بهويتك فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ حسب أوصافه القهرية الجلالية جَعَلَهُ دَكًّا مدكوكا مفتتا متلاشيا كأنه لم يكن شيأ مذكورا وبالجملة قد اضمحلت تعيناته الباطلة مطلقا ورجع الى ما كان عليه من العدم واللاشيء المحض وَبعد ما رأى من قدرة الله ما رأى خَرَّ وسقط مُوسى الكليم بعد ما نظر نحوه ولم يره صَعِقاً حائرا هائما قلقا مغشيا عليه كأنه انفصل عنه لوازم هويته مطلقا فَلَمَّا أَفاقَ موسى عن ولهه وسكره وانكشف من ربه بما انكشف من انه لا يرى الله الا الله ولا يعرف الله الا الله ولا ينظر نحوه الا عينه ولا يدرك ذاته الا ذاته قالَ مستحيا منيبا خائفا مستنزها سُبْحانَكَ انزهك تنزيها بليغا وأقدسك تقديسا متناهيا من ان يحيط بك وباسمائك وصفاتك احد من مصنوعاتك تُبْتُ ورجعت إِلَيْكَ يا ربي مما اجترأت من سؤال ما ليس في وسعى وطاقتي وَبعد ما عرفتك الآن يا ربي عرفانا أكمل وانكشفت منك انكشافا أتم بحيث لم انكشف مثله من قبل أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ الموقنين بعظمتك وجلالك إذ لا اعتداد لإيماني بك من قبل
ثم لما استحيي موسى من الله وندم عن سؤاله بلا استيذان منه سبحانه تغمم وتحزن حزنا بليغا من اجترائه بما ليس في وسعه أزال سبحانه إشفاقا له ما عرض عليه من الندم والخجل حيث قالَ سبحانه مناديا له يا مُوسى المستخلف منى إِنِّي بمقتضى حولي وقوتي وحسب اختياري وإرادتي قد اصْطَفَيْتُكَ واخترتك من بين الناس وبعثتك عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وبحمل احكامى واوامرى وتذكيراتى حتى توصلها الى عبادي نيابة عنى وَقد خصصتك من بين الرسل بِكَلامِي اى بسماعه بلا كيف وحرف وبلا واسطة سفير وملك فَخُذْ ما آتَيْتُكَ تفضلا عليك بقدر وسعك واستعدادك ولا تبادر الى سؤال ما لا طاقة لك به ولا يسع في وسعك الاستكشاف عنه وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ لنعمنا الواصلة إليك واصرفها على الوجه الذي امرناك به من المصارف ووفقناك عليه ولا تكن من الكافرين لنعمائنا المنصرفين عن أوامرنا وأحكامنا لتفوز عنا بالرضا الذي هو احسن احوال ارباب الكشف والشهود
وَمن جملة اصطفائنا له وانعامنا إياه انا قد كَتَبْنا لَهُ وأثبتنا لأجل تربيته وإرشاده فِي الْأَلْواحِ اى ألواح التورية مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يتعلق بتهذيب الظاهر والباطن مَوْعِظَةً تذكرة وتبيانا
نام کتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية نویسنده : النخجواني، نعمة الله جلد : 1 صفحه : 266