نام کتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية نویسنده : النخجواني، نعمة الله جلد : 1 صفحه : 55
أَعْلَمُ بحالهم أَمِ اللَّهُ النافى عنهم اليهودية والنصرانية بقوله ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مائلا عنهما ثم ذرهم في خوضهم يلعبون وَبعد ما ظهر عندهم حقية دين نبينا صلّى الله عليه وسلّم وتحقق موافقته لملة أبيه ابراهيم بشهادة كتبهم ورسلهم مَنْ أَظْلَمُ وأجرأ على الله مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً ثابتة في كتب الله التي قد صحت وثبتت عِنْدَهُ انها منزلة مِنَ اللَّهِ المنزل للرسل والكتب مصدقا بعضها بعضا كتمانا ناشئا عن محض العداوة والشقاق سيما بعد جزمهم حقيتها ومع ذلك يتوهمون كتمانها من الله ايضا وَمَا اللَّهُ المحيط بمخائلهم ومخادعاتهم بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ من الكتمان والنفاق حفظا لجاههم وجاه آبائهم قل لمن تبعك يا أكمل الرسل تذكيرا لهم وتحذيرا
تِلْكَ أُمَّةٌ صالحة او طالحة قَدْ خَلَتْ ومضت لَها في النشأة الاخرى جزاء ما كَسَبَتْ من الحسنات والسيئات الصادرة منهم في النشأة الاولى وَلَكُمْ ايضا فيها جزاء ما كَسَبْتُمْ وَبالجملة أنتم لا تُسْئَلُونَ في يوم الجزاء عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ من الصالحات والفاسدات كما لا يسئلون أولئك عن أعمالكم بل كل منكم ومنهم مجزى بضيعته مقضي ببضاعته نعوذ بك من عدلك يا دليل الحائرين ثم لما كان الغالب على رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أوائل حاله وسلوكه توحيد الصفات والأفعال الموروثين له عن آبائه الكرام صلوات الله عليهم وكان صلّى الله عليه وسلّم تابعا لهم في قبلتهم التي كانوا عليها ايضا صورة وحين ظهر وانكشف له صلّى الله عليه وسلّم توحيد الذات وغلبت عليه تجلياتها وإشراقها استغرق ووله بل قد فنى واضمحل وتلاشت فيها هويته وبعد ما أفاق وتنزل عن ولهه واستغراقه خص له سبحانه قبلة مخصوصة ووجهة معينة صورة لتكون آية دالة على قبلته الحقيقية المعنوية ثم لما امره سبحانه بتوجهها واستقبالها وهو في الصلاة الى القبلة التي كان عليها قبل الأمر وتحول نحوها فيها أخذ المنافقون في الغيبة واشتغلوا بالنفاق ونسبوه الى ما هو منزه عنه واغتنموا الفرصة لمقابلته وصمموا العزم لمجادلته أراد سبحانه ان ينبه نبيه بما هم عليه من النفاق والشقاق في امر القبلة على وجه الاخبار
فقال سَيَقُولُ السُّفَهاءُ المعزولون عن مقتضى العقل الجزئى المنشعب من العقل الكل المتفرع عن الاسم العليم مِنَ النَّاسِ المحجوبين بظلمة التعينات عن نور الوجود قولا ناشئا عن محض الغفلة والسفاهة على سبيل الاستهزاء وهو قولهم ما وَلَّاهُمْ واى شيء حولهم وصرفهم اى المؤمنين عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها من قبل مع انها قبلة من يدعون الانتساب إليهم والاقتداء بملتهم قُلْ لهم يا أكمل الرسل على وجه التنبيه والإرشاد بلسان التوحيد الذاتي بعد انكشافك به لِلَّهِ المنزه عن مطلق الأماكن والجهات المتجلى فيها الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ اى جميع مما يتوهم من الزمان والمكان والجهة والكل انما هي مظاهر ذاته ومجالي أسمائه وصفاته يَهْدِي بحبه الذاتي مَنْ يَشاءُ من عباده المتوجهين نحو جنابه إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل الى وحدة ذاته من اى مكان كان وفي اى جهة وزمان وآن وشأن إذ هو محيط بكلها
وَكَذلِكَ اى مثل الصراط المستقيم الموصل الى وحدة ذاتنا المعتدل المتوسط بين الطرق قد جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً معتدلة قابلة للخلافة والنيابة في تولية الأمور بين عموم العباد لِتَكُونُوا شُهَداءَ قوامين بالقسط عَلَى النَّاسِ الغافلين عن التوجه إلينا وَكذلك أرسلنا إليكم رسولا منكم حتى يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً حفيظا لكم يحفظكم ويمنعكم عن كلا طرفي الإفراط والتفريط في عموم ما صدر عنكم من الأمور فعليكم ان تلازموا وتداوموا لامتثال
نام کتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية نویسنده : النخجواني، نعمة الله جلد : 1 صفحه : 55