نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 1 صفحه : 359
فصل في تعلق الآية بما قبلها
قال ابن الخطيب: لما نهاهم في الآية الأولى عن الفساد في الأرض، ثم أمرهم في هذه الآية بالإيمان دلّ على أن كمال الإنسان لا يحصل إلا بمجموع الأمرين، وهو تركه ما لا يَنْبَغِي، وفعل ما ينبغي.
وقوله: {آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ الناس} أي: إيماناً مقروناً بالإخلاص بعيداً عن النفاق.
ولقائل أن يستدلّ بهذه الآية على أنّ مجرد الإقرار إيمان، فإنه لو لم يَكُنْ إيماناً لما تحقّق مُسَمّى الإيمان إلاَّ إذا حصل بالإخلاص، فكان قوله: «آمنوا» كافياً في تحصل المطلوب، وكان ذكر قوله: {كَمَآ آمَنَ الناس} لغواً.
«إذا» منصوب ب «قالوا» الذي هو جواب لها، وقد تقدّم الخلاف في ذلك، و «لقوا» فعل وفاعل، الجملة في محلّ خفض بإضافة الظّرف إليها.
وأصل «لقوا» : لقيوا بوزن «شربوا» فاستثقلت الضمة على «الياء» التي هي «لام» الكلمة، فحذفت الضمة فالتقى ساكنان: لام الكلمة وواو الجمع، ولا يمكن تحريك أحدهما، فحذف الأول وهو «الياء» ، وقلبت الكسرة التي على القاف ضمّة؛ لتجانِسَ واو الضمير، فوزن «لَقُوا» : «فَعُوا» ، وهذه قاعدة مطّردة نحو: «خشوا» ، و «حيوا» . وقد سمع في مصدر «لقي» أربعة عشر وزناً: «لُقْيَاً وَلِقْيَةً» بكسر الفاء وسكون العَيْن، و «لقاء ولقاءة» بفتحها أيضاً مع المَدّ في الثلاثة، و «لَقَى» بفتح الفاء وضمّها، و «لُقْيَا» بضم الفاء، وسكون العين و «لِقِيَّا» بكسرها والتشديد و «لُقِيَّا» بضم الفاء، وكسر العَيْنِ مع التشديد، و «لُقْيَاناً وَلِقْيَاناً» بضم الفاء وكسرها، و «لِقْيَانَةً» بكسر الفاء خاصّة، و «تِلْقَاء» .
وقراءة أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللهُ -: «وَإِذّا لاَقُوا» .
و «الَّذِينَ آمَنُوا» مفعول به، و «قالوا» جواب «إذا» ، و «آمَنَّا» في محل نصب بالقول.
قال ابن الخطيب: «والمراد بقولهم:» آمنا «: أخلصنا بالقلب؛ لأن الإقرار باللسان كان معلوماً منهم مما كانوا يحتاجون إلى بَيَانِهِ، إنما المشكوك فيه هو الإخلاص بالقلب، وأيضاً فيجب أن يحمل على نقيض ما كانوا يظهرونه لشياطينهم، وإنما كانوا يظهرون لهم التَّكذيب بالقلب» .
نام کتاب : اللباب في علوم الكتاب نویسنده : ابن عادل جلد : 1 صفحه : 359