نام کتاب : أيسر التفاسير نویسنده : الجزائري، أبو بكر جلد : 1 صفحه : 261
معنى الآيات:
بعدما رغب تعالى عباده المؤمنين في الإنفاق في سبيله في الآية السابقة ناداهم هنا بعنوان الإيمان، وأمرهم بإخراج زكاة أموالهم من جيد ما يكسبون فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ[1] آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ[2] وَمِمَّا أَخْرَجْنَا} يريد الحبوب والثمار كما أن ما يكسبونه يشمل النقدين والماشية من إبل وبقر وغنم، ونهاهم عن التصدق بالرديء من أموالهم، فقال: {وَلا تَيَمَّمُوا[3] الْخَبِيثَ مِنْه[4]ُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} يريد لا ينبغي لكم أن تنفقوا الرديء وأنتم لو أعطيتموه في حق لكم ما كنتم لتقبلوه لولا أنكم تغمضون وتتساهلون في قبوله، وهذا منه تعالى تأديب لهم وتربية. وأعلمهم أخيراً أنه تعالى غني عن خلقه ونفقاتهم فلم يأمرهم بالزكاة والصدقات لحاجة به، وإنما أمرهم بذلك لإكمالهم وإسعادهم، وأنه تعالى حميد محمود بماله من إنعام على سائر خلقه، كان هذا معنى الآية (267) أما الآية (268) فإنه تعالى يحذر عباده من الشيطان ووسواسه فأخبرهم أن الشيطان يعدهم الفقر[5]، أي: يخوفهم منه حتى لا يزكوا ولا يتصدقوا ويأمرهم بالفحشاء فينفقون أموالهم في الشر والفساد ويبخلون بها في الخير، والصالح العام، أما هو تعالى فإنه بأمره إياهم بالإنفاق يعدهم مغفرة ذنوبهم؛ لأن الصدقة تكفر الخطيئة، وفضلاً منه وهو الرزق الواسع الحسن، وهو الواسع الفضل العليم بالخلق. فاستجيبوا أيها المؤمنون لنداء الله تعالى، وأعرضوا عن نداء الشيطان فإنه عدوكم لا يعدكم إلا بالشر، يأمركم إلا بالسوء والباطل، كان هذا ما تضمنته الآية الثانية، أما الآية الثالثة (269) فإن الله تعالى يرغب في تعلم العلم النافع الذي يحمل على العمل الصالح، ولا يكون ذلك إلا علم الكتاب والسنة حفظاً وفهماً وفقهاً فيهما فقال [1] قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ... } إلخ. اثنتان من الله تعالى، واثنتان من الشيطان. ويفسره حديث الترمذي إذ فيه قول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك: فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان، ثم قرأ: {الشَّيْطَانُ ... } الآية. [2] الآية في الزكاة قطعاً، والنهي عن الإنفاق من الرديء يشمل الزكاة. والتطوع معاً. [3] روى الحاكم وصححه على شرط الشيخين في سبب نزول هذه الآية عن البراء قال: هذه الآية نزلت فينا، كنا أصحاب نخل فكان الرجل يأتي من نخله بقدر كثرته وقلته فيأتي الرجل بالقنو فيعلقه في المسجد، وكان أهل الصفة ليس لهم طعام فكان أحدهم إذا جاع جاء فضربه بعصاه فيسقط من البسر والتمر فيأكل وكان أناس مما لا يرغبون في الخير يأتي بالقنو الحشف والشيص فيعلقه فنزلت: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} الآية. [4] أي: من الخبيث الذي هو الرديء. [5] تفتح فاء الفقر، وتضم كالضعف والضُعف.
نام کتاب : أيسر التفاسير نویسنده : الجزائري، أبو بكر جلد : 1 صفحه : 261