نام کتاب : أيسر التفاسير نویسنده : الجزائري، أبو بكر جلد : 1 صفحه : 357
تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق: هذه آياتنا نقرأها عليك متلبسة بالحق، لا باطل فيها أبداً. وإلى الله ترجع الأمور: إلى الله تصير الأمور فيقضي فيها بما يشاء ويحكم ما يريد فضلاً وعدلاً.
معنى الآيات:
بعدما أمر الحق تبارك وتعالى عباده المؤمنين بتقواه والتمسك بدينه ونهاهم عن الفرقة والاختلاف وحضهم على ذكر نعمه ليشكروها بطاعته أمرهم في هذه الآية (104) بأن يوجدوا من أنفسهم جماعة تدعو إلى الإسلام وذلك بعرضه على الأمم والشعوب ودعوتهم إلى الدخول فيه، كما تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في ديار الإسلام وبين أهله فقال تعالى مخاطباً إياهم: ولتكن منكم[1] أي: يجب أن تكون منكم طائفة يدعون إلى الخير، أي: الإسلام، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وبشرهم بأن الأمة التي تنهض بهذا الواجب هي الفائزة بسعادة الدنيا والآخرة فقال: فأولئك هم المفلحون الفائزون بالنجاة من العار والنار، وبدخول الجنة مع الأبرار.
وفي الآيات (105) (107) نهاهم أن يسلكوا أهل الكتاب في التفرق في السياسة والاختلاف في الدين فيهلكوا هلاكهم فقال تعالى: مخاطباً إياهم: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} فلا ينبغي أن يكون العلم والمعرفة بشرائع الله سبباً في الفرقة والخلاف[2]، وهما أداة الوحدة والائتلاف، وأعلمهم بجزاء المختلفين من أهل الكتاب ليعتبروا ولا يتفرقوا فقال تعالى: {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} لا يغادر قدره ولا يعرف مداه، وأخبرهم عن موعد حاول هذا العذاب العظيم بهم، وأنه يوم القيامة حينما تبيض وجوه المؤمنين القائمين على الكتاب والسنة، وتسود وجوه الكافرين المختلفين القائمين على البدع والأهواء، فقال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ3 [1] من: للتبعيض، وعليه فسرنا الآية، وقلنا بوجود طائفة لا كل الأمة، إذ لابد من العلم لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والعلم لا يتوفر لكل فرد أبداً، ولذا فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على الكفاية. [2] نهاهم تعالى عن التفرق والاختلاف، وقد وقع ما نهاهم عنه، وثبت ما أخبر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد قال: "تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة، النصارى مثل ذلك، وتفرقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة". رواه الترمذي وقال هذا حديث صحيح، وفعلاً وقد وجدت ست فرق، وهي: الحرورية –والقدرية –والجهمية –والمرجئة –والرافضة –والجبرية. انقسمت كل فرقة من هذه إلى اثنتي عشرة فرقة فصارت اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلى أهل السنة والجماعة.
3 روى ابن القاسم عن مالك في العتبية أنه قال ما آية في كتاب الله أشد على أهل الاختلاف من أهل الأهواء من هذه الآية: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} ، قال مالك: إنما هذه الآية لأهل القبلة بدليل قوله تعالى: {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ... } .
نام کتاب : أيسر التفاسير نویسنده : الجزائري، أبو بكر جلد : 1 صفحه : 357