نام کتاب : أيسر التفاسير نویسنده : الجزائري، أبو بكر جلد : 1 صفحه : 416
في إيمانه، والكاذب فيه وهو المنافق. بل لا بد من الابتلاء بالتكاليف الشاقة منها؛ كالجهاد والهجرة والصلاة والزكاة، وغير الشاقة من سائر العبادات حتى يميز المؤمن الصادق وهو الطيب الروح، من المؤمن الكاذب وهو المنافق الخبيث الروح، قال تعالى: {مَا كَانَ[1] اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} وذلك أن الله لم يكن من سننه في خلقه أن يطلعهم على الغيب فيميز المؤمن من المنافق، والبار من الفاجر، وإنما يبتلي بالتكاليف ويظهر بها المؤمن من الكافر والصالح من الفاسد. إلا أنه تعالى قد يجتبي من رسله من يشاء فيطلعه على الغيب، ويظهره على مواطن الأمور وبناء على هذا[2] فآمنوا بالله ورسله حق الإيمان، فإنكم إن آمنتم صادق الإيمان واتقيتم معاصي الرحمان كان لكم بذلك أعظم الأجور وهو الجنة دار الحبور والسرور هذا ما دلت عليه الآية (179) ، أما الآية الثانية (180) فإن الله تعالى يخبر عن خط البخلاء الذين يملكون المال ويبخلون به فيقول: ولا يحسن أي ولا يظن الذين يبخلون بما آتاهم الله من المال الذي تفضل الله به عليهم أن بخلهم به خير لأنفسهم كما يظنون بل هو أي البخل شر لهم، وذلك لسببين الأول: ما يلحقهم في الدنيا من معرة البخل وآثاره السيئة على النفس، والثاني: أن الله تعالى سيعذبهم به بحيث يجعله طوقاً من نار في أعناقهم، أو بصورة ثعبان فيطوقهم[3]، ويقول لصاحبه: "أنا مالك أنا كنزك" كما جاء في الحديث. فعلى من يظن هذا الظن الباطل أن يعدل عنه، ويعلم أن الخير في الإنفاق لا في البخل. وأن ما يبخل به هو مال الله، وسيرثه، ولم يجن البخلاء إلا المعرة في الدنيا والعذاب في الآخرة. قال تعالى: {وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} ، فاتقوه فيما آتاكم فآتوا زكاته وتطوعوا بالفضل فإن ذلك خير لكم. والله يعلم وأنتم لا تعلمون. [1] روي أن الآية نزلت إجابة لمن طالبوا بعلامة يفرقون بها بين المؤمن والمنافق فأجابهم الله تعالى بأنه ليس من شأنه أن يترك المؤمنين على ما هم عليه في اختلاطهم مع المنافقين حتى ينزل من الشرائع والتكاليف وما يميز بفعله وتركه المؤمن من المنافق. [2] إذ العبرة ليست بمعرفة الغيب، وإنما العبرة بالنجاة من النار والفوز بالجنة، وعليه فأعرضوا عن المطالبة بمعرفة الغيب وأقبلوا على ما يحقق لكم نجاتكم وسعادتكم. [3] روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مُثْل له شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، يؤخذ بلهزمتيه –يعني شدقيه- ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا هذه الآية: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ... } الآية.
نام کتاب : أيسر التفاسير نویسنده : الجزائري، أبو بكر جلد : 1 صفحه : 416