نام کتاب : أيسر التفاسير نویسنده : الجزائري، أبو بكر جلد : 1 صفحه : 427
وخارج الصلاة. وقال عنهم: {وَيَتَفَكَّرُونَ[1] فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ، أي: في إيجادهما وتكوينهما وإبداعهما، وعظيم خلقهما، وما أودع فيهما من مخلوقات. فلا يلبثون أن يقولوا: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً} ، أي: لا لحكمة مقصودة ولا لهدف مطلوب، بل خلقته بالحق، وحاشاك أن تكون من اللاعبين العابثين سبحانك تنزيها لك عن العبث واللعب بل خلقت ما خلقت لحكم عالية لأجل أن تذكر وتشكر، فتكرم الشاكرين الذاكرين، في دار كرامتك وتهين الكافرين في دار عذابك، ولذا قالوا: في الآية (192) {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} . والظالمون هم الكافرون، ولذا يعدمون النصير ويخزون بالعذاب المهين، وقال عنهم في الآية (193) {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا} ، والمنادي هو القرآن الكريم والرسول[2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتوسلوا بإيمانهم لربهم طالبين أشرف المطالب وأسماها مغفرة ذنوبهم ووفائهم مع الأبرار فقالوا {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ[3]} وهو ما جاء في الآية (193) ، وأما الآية الخامسة (194) فقد سألوا ربهم أن يعطيهم ما وعدهم على ألسنة رسله من النصر والتمكين في الأرض، هذا في الدنيا، وأن لا يخزيهم يوم القيامة بتعذيبهم في النار، فقالوا: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} ، أي: وعدك الحق، وفي الآية السادسة (195) ذكر تعالى استجابته لهم فقال لهم: {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} بل أجازي الكل بعمله لا أنقصه له ذكراً كان أو أنثى لأن بعضكم من بعض الذكر من الأنثى والأنثى من الذكر فلا معنى للتفرقة بينكم، وذكر تعالى بعض أعمالهم الصالحة التي استوجبوا بها هذا الإنعام فقال: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} ، وواعدهم قائلاً: {لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} ، وكان ذلك ثواباً منه تعالى على أعمالهم الصالحة، والله عنده حسن الثواب، فليرغب إليه، وليطمع فيه، فإنه البر الرحيم. [1] الفكرة: تردد القلب في الشيء، والتفكر ممدوح ما كان في خلق السموات والأرض، وفي أحوال القيامة والمعاد والجزاء والدار الآخرة، وورد النهي عن التفكر في ذات الله، إذ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنكم لا تقدرون قدره". [2] أي: محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال ابن مسعود، وابن عباس، وأكثر المفسرين، وقال قتادة وغيره: هو القرآن. والكل صحيح، والرسول نادى، والقرآن نادى إلى اليوم. [3] لم ما قالوا: وتوفنا مع الأبرار؟ إنهم هضماً لأنفسهم وتواضعاً لربهم وإعلاناً عن رغبتهم في الالتحاق بربهم حباً في لقائه، والحياة إلى جواره في الملكوت الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
نام کتاب : أيسر التفاسير نویسنده : الجزائري، أبو بكر جلد : 1 صفحه : 427